تأليف : محمد فرحات

تدور أحداث الرواية حول جريمة قتل تمت في الريف المصري عام 1864م وما يتخلل تلك الفترة من صراعات وأحداث تاريخية تمت بين الحكومة والفلاحين والغجر والبدو العرب ... -اقتباس من الفصل الأول! أمام طاحون قرية كوم البقر 1864 م اجتمع الناس بالقرب من الطاحون، تلفحهم حرارة الشمس ووهج القيظ، يتهامسون ولا يكفون عن نسج الخيالات حول مقتل عامل الطاحون وقد استظل بعضهم في ظل النخيل المجاور للطاحونة، على مقربة منهم أخرج شوقي نوار بك مأمور المركز وهو أعلى فرسه منديلًا جفف به عرقه وأمر عساكره أن يزيحوا الناس بعيدا، انتحى العمدة جانبًا بالمأمور وتحدثا...، جلست العجوز جانبًا تذرف الدمع وتلطم الخد وتهيل تراب الأرض على رأسها، ظلت خيوط دموعها تنساب على وجنتيها المليئة بالندوب والتجاعيد حتى جفت تماما، قام الرجل متحاملًا على نفسه والهواجس تفترس عقله بلا هوادة وهو يقترب من أمه العجوز يحثها على التماسك ويلقنها ما ستقوله أمام جمع الحكومة كما طُلب منه. قبض الكاتب على طربوشه بيد وراح يجفف صلعته بمنديل باليد الأخرى، وشرع يخط بقلمه ما يمليه عليه المأمور: إنه في يوم تاريخه... قد تلقينا إشارة من عمدة قرية كوم البقر بواسطة أحد خفرائه تفيد بأن المذكور بالإشارة المرفقة قد مات أثناء تأدية عمله في الطاحون الكائن بأطراف القرية والمملوك لورثة الشيخ إبراهيم البنهاوي ويمثلهم أخوهم الأكبر العمدة عبدالرحيم البنهاوي والذي تربطه بالقتيل قرابة نسب، وقد حضر كلا من شوقي نوار بك مأمور المركز كما حضر ناظر القسم وشيخ الخط وعمدة القرية ومشايخها وندب معهم من عدول المحكمة وخدامها ومن يُعتمد عليه في ذلك، وكُشف على القتيل فوُجد ميتًا لا حركة فيه ولا روح، كما وُجد برقبته من الجهة اليسرى جرح كبير قُطع منه الجلد وأُسيل الدم وهو ملقى على ظهره قريبا من باب الطاحون، وكُشف على الطاحون المذكور فوُجد على قادوسها أثر من دمه كما وجد بأرضها ثلاث محلات بها أثر الدم، هذا ما وُجد ومُحرَّر عليه الكشف المذكور، وعند سؤال العمدة وشيخ الغفر وأقارب القتيل....

---