عشرون نصيحة للقراءة

بعد التطور الملحوظ الذي شهدته القراءة في الآونة الأخيرة، كان لابد من توضيح بعض الأمور لكل من دخل هذا المجال الواسع، وذلك بقصد تطوير قراءة تكون أنفع بالنسبة له ولمجتمعه، لذا سأضع بين يديك – عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة- بعض النصائح النابعة من قلب-عقل قارئ- لا يدعي الإحتراف، فلا احتراف في هذا المجال، حيث سيكون هذا المقال مجرد مشاركة لخبرات سابقة في مجال القراءة .

أولا: كن كاتبا

هي أول نصيحة أستطيع أن أقدمها لأي قارئ، حاول أن تكتب سطورًا من شعر أو صفحات من رواية أو فكر أو ما شابه، لا لشيء إلّا لتحس بما يتطلبه وضع جملة واحدة من تفكير، وتحس بمعاني الكلمات، حتى تصل بإذن الله إلى استشعار كل شعور دفنه الكاتب في كلمات نصه مما سيمكنك من فهمه أفضل.

ثانيا: القراءة ليست موضة

نعم عزيز القارئ، لا للشهرة، نقرأ وأتمنّى أن لا يكون هذا حالك، فمن قرأ ليقال أنه قارئ فقد خان الكتاب، ومن خان الكتاب لن يصل إلى نبش أسراره، فلا يغرنّك ذلك الكتاب الذي اشتهر في مدة أيام، ولا ذلك الكتاب الذي تجده مرارًا وتكرارًا على صفحات الفايسبوك، ولا ما تسمعه من قيل وقال حول كتاب ما فلكلّ منّا شخصيته، تفكيره، فهمه، هدفه، وذوقه، فلا تكن حبيس الآخرين في قراءتك و اعلم أن ما غير نظرة الكثيرين في عالمنا كانت كتبًا ترمى سنوات وسنوات فوق رفوف المكتبات لا يتصفحها إلّا قلّة، فلا تقرأ الكاتب المشهور ولا لتكون مشهورًا بل اقرأ للكاتب الذي تحسّ أنك بحاجة له فهو أيضا بحاجة لقارئ مثلك.

ثالثا: (التنمية البشرية) والروايات ليست الكتب الوحيدة في كوكبنا الجميل

كان لبد أن نتطرق لهذه النقطة فالعديد من القراء المحيطين بي لا تتعدى قراءاتهم الروايات مثلا، ومن هنا أصبحت القراءة وسيلة للهروب من الواقع لا للتسلح لمواجهته، أنا لا ولن أنف وجود روايات تستحق القراءة، بل ويمكن أن تفيد في الحياة، لكنّي لا أظن أن من يعيش في الروايات سيصبح مثقفًا يومًا، ببساطة شديدة هي كمن يستخدم فقط مواقع التواصل الإجتماعي في الأنترنت، فهي مفيدة ولا أحد ينكر هذا، لكن هناك بحور من المواقع الأخرى الأحسن والأفيد منها، فلتجعل إن أردت الروايات راحة بين كتابين في الفكر أو ما شابه.

أما فيما يخص التنمية البشرية فلم أضعها بين قوس خطأ إنما قصدا، فشخصيا لا أعتبر كتبهَا كُتُبا أصلا وتحزنني كلّ شجرة قلعت لتكتب ورقة من أوراق مثل هذه الكتب، لذا سأترك نصائح مثل هذه القراءات لـ “مدرب” مراهق أو مختص في، القراءة السريعة..

رابعا: لا تصدّق كل ما يكتب.

يقول مثل ياباني فيما معناه “إن كنت تصدق كل ما تقرأ فتوقّف فورا عن القراءة”  وهذه المقولة ما جاءت عبثا، فخطر من يصدق كل ما يقرأ أكبر من خطر الأمية نفسها، لذا أترك عقلك يقظًا خلال قراءتك للكتب ولا تغلق الباب على حس النقد عندك، وإن لم تكن تملك حس نقد، فابحث عنه، ولا تنظر إلى دورات التنمية البشرية فلن تعلٍّمك هذا.

خامسا: التسلسل في القراءة

هناك بعض الكتب التي لا يمكن فهمها كما يجب لو لم تكن قد مررت على كتب أخرى قبلها، كما هناك كتب لا يمكن قراءتهم مباشرة، النصيحة بالنسبة للحالة الأولى هي أن تقرأ ملخصات الكتب فهي غالبا ما تذكر عناوين أخرى يمكن أن تكون لازمة لقراءة ما بين يديك، أمّا فيما يخص الحالة الثانية، فعليك أن تقرأ من كتب على ذلك المفكر أو الكاتب أولًا، كونه سيلخص لك المبادئ الأساسية التي اهتم بها و لربما أعطاك معلومات أخرى عن الكتاب يمكن أن تغيّر فهمك له.

سادسا: اهتم بظروف نشر الكتاب

و أقصد هنا الظروف السياسية التاريخية والثقافية وفي بعض الحالات الهدف من النشر، فإخراج الكتاب من الحيز المكاني و الزماني والثقافي و الإجتماعي الذي كان فيه يمكن أن يحرّف أغلب أو كلّ معانيه.

سابعا: العلم يدرس من كتب العلوم

حيث أن من أهم العلوم التي خرفتها وشوهتها الروايات بل وبعض كتب الفكر، التاريخ، فلا تعتقد أن ما ذكر من حوادث تاريخية في الروايات صحيح إجباريا، حتى ولو كانت الشخصيات قد وجدت فعلا، فلا تلتفت أبدا إلا للكتب المتخصصة في حال أردت أن تعرف معلومة مرتبطة بتخصص ما.

ثامنا : المثقف ليس قارئا فقط

الحياة خارج الكتب، وما الكتب إلا وسيلة لمساعدتنا في هذه الحياة، فلو انشغلت بالوسيلة عن الهدف لكنت من أجهل الجهّال.

تاسعا: ناقش ما قرأت

ناقش الكاتِب نفسه إن أمكن فهو أدرى بما كتب، وإن لم تستطعه فناقشه مع قراء آخرين كون نظراتهم المختلفة (التي تحدثنا عنها في النصيحة الثانية) يمكن أن تظهر لك ما خفي عنك أو أن توضح لك كما يمكن أن تكون أنت السبب في هذا.

عاشرا: خذ ملاحظات

من أفضل الطرق لتفادي نسيان ما قرأت و الإستفادة منه أكبر قدر ممكن هي إنجاز بطاقات قراء، و إن كنت كسولا مثلي في هذا المجال، فقم فقط بتسطير ما أعجبك ثم نقله على كراسة أو ما شابه في يوم مخصص لهذا، ولا تنسى إلقاء نظرة على هذه الكراسة من حين لآخر لتذكر نفسك بما تعلّمت.

إحدى عشر: العلم من عدوك خير من الجهل مع صديقك

تعلم من الكل و لا تتبع إلا من أمرك الله بإتباعه.

اثنا عشر: كن طيّبا

إن لم تطور فيك القراءة الطيبة والخلق الحسن فأعلم أنك لم تقرأ أصلًا، ومن أهم الخصال التي أرى شخصيا أنها يجب أن تكون في القراء ‘ التواضع ‘ وهنا أذكر مقولة محمد أحمد الشواف حين قال: إن لم تزدنى القراءة تواضعًا، فسألقى بكل ما قرأت فى أعمق الآبار وأترك عقلى أتحسر عليه.

ثلاثة عشر: أفد من حولك

فلابد لأثر القراءة أن يظهر في محيطك أيضا، لذا حاول إفادتهم، نصحهم، تصحيح أخطائهم، كل هذا من غير أن تعتقد أنك حاوي العلم، فكم من جاهل علم مثقفًا، ثم في النهاية لا تيأس أبدا ولتتذكر قول رونالد ريغان: إذا لم تستطع جعلهم يرون الضوء فلتجعلهم يشعرون بحرارته.

أربعة عشر: اجتنب إضاعة وقتك

وأتحدث هنا عن كل نوع من أنواع إضاعة الوقت المعروفة بالإضافة إلى الأنواع الجديدة المتمثلة في الحوارات العقيمة التي يبقى الهدف من أغلبها التباهي بالمعلومات أو تضييع الوقت في الحديث عن القراءة أكثر من القراءة نفسها، فكم من مجموعة قراءة على الفايسبوك لا ترتاح من تعليقات من يسمون أنفسهم قراء من حديث على كل صغير وكبير، ومنهم من لا يفتح كتابا من كثرة حديثه على الكتب التي فتحها سابقا.. وللتذكر في هذا قول حسين البرغوثي: إن شخصاً لا يعطيني معرفة و يوسع مداركي ولا يأخذ مني معرفة و يوسع مداركه، لا حاجة لي به.

خمسة عشر: تعلم من الجاهل والمتعلم

حيث يعتقد كثير من القراء أنّه لن يتعلم إلا من قارئ أو مثقف أو ما شابه، لكنّني شخصيا تعلمت من أمييّن طاعنين في السن في بضع دقائق ما لم أتعلمهم من من يسمون أنفسهم بالمفكرين حتى وإن جلست معهم بالساعات.

بل وحتى التفاهة يمكن أن توصل المفكر الجيد للحكمة ولنذكر هنا ميلان كونديرا حين قال: صديقي، تنفس هذه التفاهة التي تحيط بنا، إنها مفتاح الحكمة، مفتاح المزاج الجيد والرضا.

ستة عشر: التفكير

لا يوجد تخصص مفكّر ولم ولن أؤمن بإذن الله بمثل هذا التخصص، فالتفكير للجميع، وإن لم تفكر بنفسك فهل تظن أن الكاتب سيقوم به بدلا عنك، حتى وإن امتلكت مكتبة عرضها كعرض السماء، لن تفيدك بشيء إن لم تترك قلب عقلك يفكر.

سبعة عشر: الكتاب ليس هو الواقع

ينبغي التفريق بين ما في الكتب، والذي لا يعبر دائما عن الواقع، وكذا عن أفكارك الشخصية وبين الواقع فلا تتعامل مع الواقع من خلال معلومة غير مؤكدة من كتاب أو من خلال فكرة أعجبتك صياغتها أو بيت شعري أعجبتك قافيته وتذكر قول طارق الحبيب حين قال: من أهم أشكال التفكير غير الناضج اعتبار توقعاتك السلبية حقائق تتعامل في الواقع من خلالها.

ثمانية عشر: تقبل النقد

فتقبل النقد وعدم اتفاق الجميع معك ضروري في الحياة كما في القراءة. وكما أن رأيك صحيح يحتمل الخطأ فرأي الآخر خطأ يحتمل الصحة، و إن كنت أنت المخطأ فستكون من الحماقة عدم تعديل رأيك وتذكر ما قاله نصري الصايغ: الوعي المتأخر خير من الحماقة المستدامة.

تسعة عشر: الكتاب ليس الحل

شخصيا أؤمن بفكرة أن الكتاب مهما كان كاتبه من البشر لن يعطيك حلا لمشكلاتك، وليس هذا دوره، حتى وإن كان بعض الكتاب –للأسف- يتاجرون بأحزان الناس فهاهو من يدعي تعليمه حل المشكلات العاطفية وآخر يدعي إيصالهم للغنى وثالث للشهرة. لذا أذكرك أيها القارئ العزيز، أنت على الأرض ولا يوجد حل لهذا. ستعيش أمورًا صعبة، مبكية، مدمرة ومحبطة فلا تنتظر من أي كاتب أن يعطيك حلولا لها، كونها حياتك ومسؤولياتك أنت، وبطبيعة الحال لن تجد في أكثر الأحوال الحلول في الكتب ولو قرأت كل كتب البشر، خصوصًا في زماننا، كون مثل هذه الكتب يعتمد التحدث عن العموميات التي لابد أن يكون شخص ما قد صادفها في حياته حتى يحسّ القارئ بأنه يفهمه، فاعلم أخي العزيز أن مشكلة الشعور بالغرق داخل نفسك بسبب خيانة ما، مشكلة عاشها الكل أو أغلب الناس.

وأنهي نصيحتي هذه بتوضيح مهم فيما يخص النصيحة في حد ذاتها ( بدءً من نصائحي هذه): النصيحة لا تطبق بحذافيرها، فحتى لو وجدت بعض النصائح التي تدعي مساعدتك في الكتب، فهي لا يجب أن تطبق كما قيلت تمامًا، خذ النصيحة، تفاعل معها، أنظر ما يجب تغييرها فيها حتى تتماشى معك (كونها وضعة بعمومية –في أغلب الأحيان- للتأثير في أكبر عدد من الناس كما ذكر سابقا) ثم طبقها إن وجدت فيها نفعا لك، و لا تنسى أن ما نفعك لن ينفع بالضرورة الآخرين، لهذا السبب –وأسباب أخرى- لن أعترف بكتب النصائح ‘القيّمة’.

عشرون (والأخيرة): لا تنسى الله

فالعار كل العار أن تقرأ كتب البشر وتهجر كتب ربٍّ البشر، وهذا ليس أكثر من جهل القراء، إذ ليس كل قارئ مثقفًا.

كتب PDF ، كتب و روايات PDF ، أفضل تجميعات الكتب، كتب عالمية مترجمة ، أحدث الروايات و الكتب العربية ،أفضل ترشيحات الكتب و الروايات، روايات و كتب عالمية مترجمة.