الأفكار الانتحارية

إذا كنت تعاني من الأفكار الانتحارية واليأس، فاعلم أنك لست وحدك في معركتك، في الواقع، وفقًا لمنظمة الصحة العقلية في أمريكا، فقد تعرض ما يقدر بنحو 1.8 مليون شاب إلى اكتئاب حاد في عام 2017، وأصبح الانتحار الآن السبب الرئيسي الثالث للوفاة بين المراهقين.

كما ورد في تقرير نشرته مؤخرًا منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة بشأن معدل الانتحار العالمي، أن شخصًا واحدًا يموت منتحرًا كل 40 ثانية، ليصل عدد المنتحرين طبقًا للتقرير إلى 800 ألف شخص سنويًا، وهناك دلائل تشير إلى أنه مقابل كل شخص بالغ توفي منتحرًا، ربما كان هناك أكثر من 20 شخصًا آخرين يحاولون الانتحار.

خريطة العالم للانتحار

الانتحار ظاهرة عالمية، في الواقع ، وقعت 79% من حالات الانتحار في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في عام 2016، وشكل الانتحار 1.4%.

ومع ذلك، فإن منع حالات الانتحار أمر ممكن، من خلال السعي لفهم نفسية المريض النفسي، ولا سيما مريض الاكتئاب الذي يصارع الأفكار الانتحارية كجزء من يومه، وليس هناك أفضل من الفهم والتعلم من خلال من خطه لنا بعض الأشخاص ممن وقعوا تحت وطأة ذلك المرض القاسي.

تجارب قاسية مع الأفكار الانتحارية

الأفكار الإنتحارية

المؤلف نيد فيزيني

منهم «Ned Vizzini – نيد فيزيني»، كاتب القصص الخيالية الأكثر مبيعًا، والذي توفى منتحرًا عن عمر يناهز 32 عامًا، والذي كان يشتهر بعمله في مجال أدب النشء واليافعين، على الرغم من أنه كتب حفنةً من الروايات في حياته القصيرة، إلا أن أعماله كانت تحظى بالقراءة والشهرة.

فقد ترك لنا روايته «It’s Kind of a Funny Story – إنها قصة مضحكة»، إحدى رواياته الأكثر شهرة، والتي حصلت عام 2006 على إشادة كبيرة وفازت بجائزة أفضل كتاب للشباب لعام 2007 من رابطة المكتبات الأمريكية؛ بسبب تصويرها للاكتئاب في سن المراهقة، وتم تبنيها كفيلم من أفلام هوليوود.

وفيها تحدث «نيد فيزيني» علنًا عن صراعه مع الاكتئاب، وعن المراهقين الذين هم عرضة أكثر للقلق النفسي والاكتئاب، حيث تستند الرواية التي نُشرت في عام 2006، إلى تجربته الشخصية خلال الأيام الخمسة التي قضاها في مستشفى للأمراض النفسية في بروكلين عام 2004.

كان ذلك في نفس العام الذي نشر فيه روايته الأولى التي حظيت بالترحيب الكبير، «Be More Chill – كن أكثر هدوءًا»، عن طالب ثانوي يتعرض للتنمر أصبح أكثر ثقة بعد امتلاكه كمبيوترًا فائق الحجم، أدى نجاح الرواية إلى تعاقده على كتابة روايتين أيضًا، ولكن تلاشت حماسته الأولية عندما بدأ رحلة النضال مع الاكتئاب وسقط في حالة من اليأس.

الأفكار الانتحارية

مع ذلك فإن روايته «إنها قصة مضحكة» من ذلك النوع الذي يعطي الأمل لكافة الأشخاص من جميع الأعمار بأن هُناك لكل شخص هدف يحيا من أجله، كما أنها تعبير صادق عما تشعر به خلال نضالك ضد الكآبة والقلق والتفكير الانتحاري وعدم اليقين، وتمزج ذلك بنوع من الدعابة والسخرية، فما إن تجد موقفًا محزنًا حتى تجد بعدها بسمة تتسلل لك.

إنها قصة مضحكة

لقد جعلتني تلك الرواية أرغب في العيش أكثر.. وهو على الأرجح أعظم إنجاز يمكن أن يقدمه أي كتاب على الإطلاق، وأنا لا أستطيع أن أتغلب على حقيقة أن مؤلف هذه الرواية الجميلة كتب عن حياته كي يشاركها مع من هم يواجهون نفس الظرف القاسي، مما يجعلني أرغب في مشاركة هذا الكتاب مع كل من لم يقرأه بعد، وآمل أن يساعد شخصًا ما في مواجهة مشكلات مماثلة.

فهذا الكتاب يوضح الحقيقة القاسية للاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب والشيزوفرينيا والقلق النفسي، والعديد من الأمراض العقلية الأخرى المنتشرة في الوقت الحاضر، ويسلط الضوء عليها لإيصالها للناس الذين لا يفهمون طبيعة المرض النفسي.

في روايته، يقدم المؤلف «نيد فيزيني» للقراء قصة المراهق «Craig – كريغ» المكتئب والبالغ من العمر 15 عامًا مع الأفكار الانتحارية. نجده مثل أي طالب آخر في المدرسة الثانوية، غالبًا ما يشعر بالإرهاق من الضغط الواقع عليه من جانب أبويه المطالبين بكونه ناجحًا.

فمنذ يومه الأول بالمدرسة، لم يكن سعيدًا أبدًا، فبعد قبوله في مدرسة مرموقة في مانهاتن، تبدأ المناهج الصارمة في إرباكه، لتصبح المدرسة مجرد مكان للإجهاد وأرض سباق للدرجات، مما دفعه إلى مستشفى للأمراض النفسية.

يجد «كريغ» نفسه معزولًا عن أصدقائه، ينزلق إلى مكان مظلم للغاية، فلا يستطيع أن يأكل وينام. الأصوات في ذهنه وأفكار الموت تبدأ في محاصرته، وفي ليلة بلا نوم، وضع خطة لمحاولة الانتحار عبر القفز من جسر بروكلين.

تسببت حادثة «كريغ» الانتحارية في دخوله إلى مستشفى للأمراض العقلية، حيث ضم زملاؤه الجدد مدمنًا للجنس، وفتاة شوهت وجهها بمقص، والرئيس المنتخب ذاتيًا «أرميليو».

وبينما يحرز «كريغ» تقدمًا بطيئًا، يبدأ في الشعور بالقلق مما يقوله أقرانه في المدرسة عن غيابه، يتحول «كريغ» إلى الفن لمساعدته في تمرير الوقت، ليكون بمثابة منفذ إبداعي له، وهناك، كان «كريغ» قادرًا أخيرًا على مواجهة مصادر قلقه.

ثم يدرك في جلسة العلاج أنه يجب أن ينتقل إلى مدرسة ثانوية للفنون، فمدرسته الحالية ومطالبها الدراسية هي المصدر الرئيسي لعدم شعوره بالرضا.

ومع اقتراب وقت «كريغ» في المستشفى من نهايته، وجد نظرة أكثر إيجابية للحياة، وواجه مصدر قلقه، أصبح الفن صمامًا للأمان، لم يمنحه منفذًا فحسب، بل مستقبلًا أيضًا، ليدرك أنه عاد مرة أخرى إلى ما يعتبره حالة ذهنية عادية، ويتطلع إلى ما يخبئه المستقبل له.

«كريغ» هو الشخصية الرئيسية في القصة والراوي لها، وهذا مثالي؛ لأنك ترى أفكاره الأعمق، مما يساعدك على فهم المشاكل النفسية بشكل أفضل؛ لأنها تأتي من شخص مراهق يمكن أن تتصل به أو تكون أنت في مكانه أو تعرفه، مما يمكنك من فهم الصراعات التي يمر بها والتي أدت به إلى مكان وجوده في القصة، مثل: المدرسة والدرجات وضغوط الأقران.

هذه الرواية مهمة جدًا، ليس فقط لأنها تساعد المراهقين على إدراك التوقعات غير الصحية وغير المعقولة المطلوبة منهم، ومن ثم يعرفون أن هناك خيارات بديلة، ولكن أيضًا لأنه قد ينير درب البالغين الذين يجعلون أطفالهم عرضة للكآبة والإحباط ومن ثم القلق والاكتئاب.

إن المرض العقلي ليس شيئًا مستبعدًا، فهو يهدد الحياة، وتعرض الرواية هذا بطريقة مدهشة تحتاج إلى أن تظهر بشكل أوسع في الحياة اليومية.

صراع شخصي مع الأفكار الانتحارية

لقد استوحى «نيد فيزيني» روايته، والتي تحولت لفيلم سنمائي فيما بعد، من صراعه الشخصي مع صحته العقلية، فمثله مثل بطل روايته «كريغ»، قضى «نيد» بعض الوقت في مشفى للطب النفسي، فهذه التجربة كانت بمثابة أساس للرواية.

ساعدت الرواية وقصة مؤلفها على القضاء على وصمة العار التي تحيط العلاج النفسي، في ظروف مثل الاكتئاب والقلق، فقد نقل «نيد» رسالة هامة إلى قرائه، وهي: «أنه من المقبول تمامًا الذهاب إلى العلاج النفسي، والبحث عن المساعدة المتخصصة عند الحاجة، لا ينبغي لأحد أن يشعر بالخجل أو الإحراج بسبب مروره بفترة عناية بصحته العقلية».

ولعل أبرز جانب في الرواية، هو أنها تفتح المجال لإمكانية إجراء محادثات حول الصحة النفسية بين الشباب مع أقرانهم وأفراد أسرهم، فمع وجود هذه الوصمة الموجودة في مجتمعنا المحيط بالصحة النفسية، من المهم أن نخطو خطوات كبيرة في تقليصها، ويُعد التواصل المفتوح حول مواضيع الصحة النفسية خطوة حاسمة في القيام بذلك.

يحتاج الجميع لقراءة هذه الرواية، ومعرفة مدى إمكانية تلك الأمراض النفسية والصحة العقلية أن تمنع الحياة، اعجبني بشكل خاص التركيز على الاكتئاب كونه مرض، مثل السرطان أو جدري الماء، إنه ليس مجرد شخص يقرر «أوف، أريد أن أكون حزينًا اليوم»، إنه رد فعل كيميائي معاكس للدماغ، ويجب أن يعامل بنفس الرعاية والكرامة مثل أي مرض آخر.

كتب PDF ، كتب و روايات PDF ، أفضل تجميعات الكتب، كتب عالمية مترجمة ، أحدث الروايات و الكتب العربية ،أفضل ترشيحات الكتب و الروايات، روايات و كتب عالمية مترجمة.