تأليف : جان بول سارتر

هذا الكتاب مهدى لأولغا كوزاكيفتش وهي إحدى طالبات سيمون دو بوفوار يحتوي الكتاب على خمسة قصص هي الجدار (وهي القصة الأكثر شهرة)، الغرفة، أروسترات، حبل الوريد (و تسمى أيضا بالحميمية)، وأخيراً طفولة قائد. تدور القصة الأولى حول ثلاثة من السجناء تعرضوا للسجن بسبب أفكارهم الثورية وذلك في زمن الحرب الأهلية الأسبانية ويصور جان بول سارتر الحالة التي عليها المحكوم بالإعدام وتداعيات الخوف الذي ستتعرض له المجموعة والذي يؤدي بصاحبه لمعاناة شديدة وفقدان الأمل وإحباط وربما أيضا الجنون. هل ممكن أن تتخيل مشاعر هؤلاء المحكومين بالإعدام وكيف تحاصرهم مشاعر رهيبة كيف يسقط في أيديهم وتسرق منهم الحياة في لحظة بكل برود وقسوة! كان سارتر عظيما في تصوير هذه الحالة حتى إنني أشفقت على ذلك الشاب الصغير وخشيت أن يموت قبل أن يساق إلى الجدار. تصطف المجموعة على الجدار المعدّ للإعدام إلا أن القصة تنحى منحنى آخر وذلك بحدث مفاجىء قد يسبب للقارىء البرىء صدمة. القصة الثانية هي الغرفة وفيها يقدم سارتر حكاية إمرأة تزوجت من رجل مصاب بالجنون، قدم فيها سارتر نموذجا لحالة من الإضطرابات النفسية التي قد تعصف بوجود إنسان فيصبح وكأنه عدم كما صورّ فيها نظرة المجتمع إلى هذا المريض من خلال العائلة التي حاولت أن تفصل بين الزوجة وزوجها رافضة أن تستمر ابنتهم مع شخص مريض، كانت هناك مشاهد جميلة منها الخيالات التي كانت تحاصر المريض وخوفه وأحلام التماثيل ورفض المرأة التخلي عن زوجها والطريقة التي كانت تفكر بها وهي تواجه ضعف قوى زوجها العقلية ضعفاً تدريجيا. القصة الثالثة فقد كان شخص محتقراً من أقرانه لضآلة حجمه وشعوره بالعجز عن المواجهة وعن إقامة علاقات وخاصة مع الأنثى لكنه يحصل على مسدس ويحدث هنا الفارق حين تتغير مشاعره ويصبح أكثر ثقة بنفسه يتضخم وينفجر حين يبدأ في التفكير بالقتل وهذه القصة مثال عن كيف ممكن أن تتغير طبيعة الإنسان إلى النقيض وأن اللجوء إلى العنف قد لا تكون إلا وسيلة يتبعها العاجز. وهكذا تأتي شخصيات سارتر لا تخلو من عنف لاتخلو من جنون لا تخلو من إثارة، بعيدة تماما عن النمطية لا تتوقع تصرفاتها تجعلك تشعر بالنظرة السوداوية التي يحملها سارتر تجاه العالم، إنه كما قال عنه أندريه مولرو فعلا: خبير المشاعر الإنسانية الصاخبة.