تأليف : جيوفاني بوكاشيو

يضم الديكاميرون مئة قصة، حكاية، أقصوصة، أو أي تسمية نشاء، تروى خلال عشرة أيام، على ألسنة عشرة شباب (أعمارهم بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين)، و هم سبع نساء وثلاثة رجال، يلتقون في كنيسة سانتا ماريا الجديدة، ويتفقون على الهرب من هلع وباء الطاعون الذي اجتاح فلورنسا في العام 1348، ويذهبون للعيش في قصر فخم في الريف على مقربة من المدينة. و ما إن نفتح صفحات "الديكاميرون" حتى ندرك أننا بحضور لحظة تاريخية مأساوية فليس فلورنسا وحدها، ولا إيطاليا، وإنما أوروبا بأسرها تحولت إلى مسرح يجتاحه وباء رهيب، قضى على ربع سكان القارة ولم تنج من الوباء أي أمة أوروبية، ويقدم لنا بوكاشيو في الصفحات الأولى من "الديكاميرون" عرضاً لأبعاد المأساة، ويواصل بوكاشيو القول أن الوباء بدأ في فصل الربيع ويصف أعراض الداء: دمامل لها شكل لوز، وحجم بيضة، تظهر تحت الإبط، تتلوها بقع سوداء في كل أنحاء الجسم ومنها يعلم المصابون التعساء أنهم شارفوا على الموت – ولم يكن بمقدرو الأطباء أو الأدوية وقف الوباء، ويرى بوكاشيو نفسه بأم عينه مشاهد مروعة مما يفعله المرض. فالديكاميرون معناها باليونانية: ديكا وهيميرا (يوم)، أي "الأيام العشرة"، ويتوجه بوكاشيو في هذا الكتاب إلى النساء تحديداً، يريد تسليتهن والترويح عنهن، لأنهن محرومات من وسائل اللهو والتسلية المتاحة للرجال (وربما يفعل ذلك على سبيل الاعتذار من السباب والإساءات التي وجهها إلى الجنس اللطيف في كتابه السابق "كورباشيو".

---