هل تمنح جوائز الرواية الأهمية للرواية؟ وكيف؟

يكذب من يقول لا أنتظر

ينظر الروائي المصري رجائي موسى إلى الجوائز على أنَّها: “تساهم في زيادة نسبة المبيعات، حتى وإن كانت تلك الجوائز محليَّة، فمثلاً جائزة ساويرس المصرية تساهم

في زيادة المبيعات بشكلٍ كبير، وجائزة الطيب صالح للرواية أيضاً مهمَّة”، متابعاً: “الجوائز كلُّها مهمّة للكاتب والكتاب، فهي تقدير سواء من الجانب المادي أم المعنوي،

فالكاتب ينتظر التقدير وينتظر الجائزة، يكذب من يقول لا أنتظر!”.


تقدير للعمل

ترى الروائية السوريَة دعد ديب التي أصدرت مؤخَّراً رواية بعنوان: “وتترنَّح الأرض”، أنّ كل: “أديب وفنان قد يطمح إلى تقديرٍ ما لعمله، أو نتاجه الذي قد يختلف من

مثقف لآخر، وإلَّا لما أعلن عنه، ولكان احتفظ به في أدراجه. هذا التقدير أو الاهتمام قد ينطوي على أشكال عدَّة، منها التغطية الإعلامية من خلال الآراء والمراجعات

النقدية أو محافل الجوائز النقديَّة التي فيها بعض المزايا الإيجابيَّة”، التي تتحدّث عنها ديب بالقول أنَّها: “تدعم الكاتب المتميز وتمنحه الفرصة له ليتفرَّغ لإبداعه متجاوزاً

ملاحقة أسباب الحياة، بالإضافة لأهمية تعميم الفائدة المرجوَّة من الإسهامات الأدبيَّة، والمنجزات الفكريَّة في المجتمع، والبحث عن سبل للإضاءة على المتميز منها”.


حقيقة المشهد الثقافي

تنتقد ديب بعض الجوائز قائلةً أنَّ: “الصورة التي تقدّمها بعض الجوائز الأدبية والندوات والمهرجانات لا تعبَّر حقيقةً عن سويَة المشهد الثقافي، باعتباره راصداً لحركة

المجتمع الفكريَّة ومشاكلها وتعقيداتها”، والسبب برأيها يتلخّص بـ: “أمراض من المجتمع ذاته، تنتقل إلى كل مفاصله، بما فيها الشأن الثقافي، لما فيها من تلميع لوجوه

باهتة وإبرازها لواجهة المشهد العامّ، لغايات ليست بخافية على أحد، ناهيك عن مشاعر الغيرة والحسد والتعتيم الذي يصاحب من لا ترضى عنه الجهات المتنفِّذة، مع غياب

نقد حقيقي يلتمس الحدّ الأدنى من المعرفة، لدرجة صارت بعض المنجزات الثقافية تحفل بالخطابات الخشبيَّة والشتائم السياسيَّة أكثر منها ذات مضمون ثقافي يرتقي

بالذائقة والوجدان”.


دعم للمؤلفات

فيما ينظر الروائي السوريّ جان بابير إلى الجوائز في الرواية على أنَّها: “تشجيع للكتابة الروائيَّة ودعم مؤلفات أدبية والترويج لها وزيادة مبيعاتها والتشجيع على قراءتها، أي أنّها تخدم الكاتب والناشر معاً، من حيث مردودها المعنوي والمادي والترويجي”. ولا يتناسى القارئ، كون تلك الجوائز حسب وجهة نظره: “تخدم المتلقّي-القارئ لكونها تنبّهه إلى أعمال ربما ما كان لينتبه إليها لولا الجائزة”، سوى أنّ بابير يستدرك منتقداً: “لكن في المقابل هناك تهافت على المشاركة بتلك الجوائز، الأمر الذي يشوِّش أفكار الكُتَّاب، ولا يعودون يفكِّرون في القارئ والمجتمع وما يتطلع إليه كلٌّ منهما”.


اعتراف ومشروعيَّة

فيما يختلف الروائي التونسيّ محمد الحباشة في فكرة أنّ الجائزة تعطي للرواية أهميَّةً ما معلِّلاً ذلك بأنَّ: “الرواية بديهيَّاً تستمدّ أهميَّتها من أدبيّتها وفنّيتها. ولكنّها عموماً تقدّم اعترافاً ومشروعيَّة للكاتب كي يوجد”، مستدركاً: “غير أنَّ هذا الاعتراف في واقعنا العربي لا يتولّد دائماً من فَرادةٍ أو تميّز، بل بتعلّق ما يُكتبُ بتوجّهات اللجان، يعني إذا قرّرت لجنةٌ ما، مهما كانت مرموقة، بأن تُمنحَ الجائزة هذه السنة لرواية “مُناصِرة لحقوق المرأة” فإنّ الجائزة ستذهبُ إلى رواية اتّجهت تيميَّاً نحو هذا المنحى، ولكن ليس من الضرورة أن تكون روايةً جيّدة في متنها. هنا مكمنُ الدّاء في الجوائز العربيّة، أي التوجّه الأعمى نحو التّيمة العامّة دون المتن، وأحيانًا أيضاً نحو التوجّه السّياسيّ أو الدّيني”.


نمطيَّة لجان التحكيم

يشير الحباشة في معرض حديثه إلى تفصيلة أُخرى مهمَّة كذلك وهي نمطيَّة لجان التحكيم و: “عدم الإلمام بالأنواع الرّوائية التي تُبوَّبُ في المدارس الغربية الحديثة وفق

شروطٍ دقيقة تكاد تكونُ رياضيّة، دون أن ننسى أنَّ حدود هذه الأنواع لم تعد ثابتة، بل متحرّكة تفتح على بعضها البعض. فيكفِي في عالمنا العربي، أن تكون هناك جريمة

في رواية، حتّى يُقال بأنّ هذه الرواية بوليسيّة، بينما لا علاقة لها مطلقاً بهذا النّوع الذي له شروطه وبنيته، أبسطها المحقّق والقاتل والضحيّة وما يحوم حولهم، وسرعان

ما يتمّ تصنيفُ هذه الرواية على أنّها من الأدبِ التّجاري غير الصّالح لجائزة، بينما قد تكون الرواية من أفضلِ ما يكون، وربّما يُفاجأُ الجميع عند ترجمة الرواية، بأنّ

اللّجان الغربيّة احتفت بها في أعلى المنابر، بينما مرّت مرور الكرام على اللّجان العربيّة. حدث هذا في أكثر من مناسبة”.


نهي الحباشة حديثه: “تظلّ مسألة الجوائز رهينة توجّهات اللّجان المبنيّة، في أغلبها، على النّمطيّة الفنّية والتيّميّة، والتحيّزات السياسيّة والدّينيّة، التي ما لم يقع كسرها

وتجاوزها، فإنّ نصوصاً كثيرة ستُظلم. ومع ذلك يظلّ دور الجائزة في التعريف بالكاتب وإعطائه مشروعيّة قائما ومهمّاً”.


الـ بِست سيلر

يتابع أيت أزكاغ حديثه إجابةً عن تساؤل حول ارتفاع نسب مبيعات الأعمال المتوجَّة بالقول: “هناك عوامل أخرى مختلفة تندمج هنا وتتفاعل لتفعل ذلك بالإضافة إلى

الجائزة، منها -في اعتقادي- ما يدخل ضمن لغة أو – ما بات يُعرف بموضة “البست سيلر”، أو الأكثر مبيعاً، وهي لا تعكس الحقيقة دائماً، لأن ثمة حوافز ودواعٍ خلفها

مُحرّكة لها، كانحيازها لدور نشر ما ولكُتُبٍ وكُتّابٍ دون آخرين، والرغبة في الإشهار وإثارة القرّاء وتوجيههم قرائياً. أظن أن هذه الطريقة أو الموضة، أو الآلية العصرية،

تساهم بدرجة معينة في ارتفاع نسبة مبيعات الكتب في السوق القرائي المتبدّل وفق متطلباته، لاسيما عندما تقوم بها جهاتٌ تتقنها، ربما أكثر ممّا تفعله الجائزة بما لها من

درجات مُتاحة في التأثير. الجوائز في الرواية العربية، وعلى الضد والنقيض مِمّا تشهده اليوم حيث يتأرجح تأثيرها بين السلب والإيجاب وبين الحضور والغياب، كان لها

الإسهام في وقت ما، لا نُنكره، في إعطاء العمل الروائي أهمّيته وفي اِرتفاع نسب مبيعاته”.