هل تتطور الأفكار بتطور الثقافة؟

يهتدي النّاس بالأفكار و يعيشون بالعواطف، تمثّل الأولى دفّة التّوجيه، و تلعب الثانية دور الوقود في المادّة التي هي جسم الإنسان، ولو حدث خلط بين العقل و القلب لضاع الفرد مثلما تضيع الجماعة، و تنشأ فوضى حياتيّة لا يُنكر فيها منكر و لا يُقرّ بمعروف، في ظلّ ثقافة ظلاميّة تفسد الأجيال القادمة، حيث ينخفض المستوى العقليّ و يتدعّم بتفاعل سلبيّ جدّا مع محيط غير مناسب للتطوّر الحضاريّ الذي يجب أن يكون عليه الإنسان كخليفة الله في أرضه.

العوامل الرئيسية التي تطور عالم الأفكار:-

عالم الأفكار عالم واسع شاسع شامل مختلف، يتطوّر وفق ثلاثة عوامل رئيسة؛

معرفة مرسلة تقرّر أفكاراً محدّدة لم يتركها الله لاجتهادات البشر و عبث عقولهم،

و معرفة متراكمة تضمّ الأفكار التي جرّبتها البشريّة و استفادت منها فأصبحت مخزوناً حضاريّا،

و معرفة مجرّبة خاصّة بالأفراد و الجماعات، متواصلة عبر الزّمن إلى أن يرث الله الأرض، و سرعان ما تدخل هذه المعرفة إلى حيّز المعرفة المتراكمة، فيزداد المخزون ضخامة و غنى. ترتبط قيمة التّفاعل مع الأفكار علاوة على إنشائها بمستوى العقل؛ آلة الإنتاج، فإذا غُيّب أو انحدر من الطّبيعيّ آنذاك أن تكون الأفكار ذات نوعيّة رديئة، أي ثقافة سلبيّة لا تخدم سوى إبليس، الموحيّ بها إلى بني البشر.

أهمية التسلح بالعلم والمعرفة لمواجهة أي عدو

إنّ تحديد العدوّ عنصر استراتيجيّ، لما يمكن أن يمثّله من تهديد لحضارة بني آدم، وعليه فإنّ الإدراك يتحوّل إلى إنشاء خطوط دفاعيّة حصينة؛ أو كانت الهلكة مآل الجميع، ولا شيء أقسى على العدوّ من طرق أبواب العلوم المختلفة، حيث يُفهم الوجود، و ينمّ مقدار الوعي، فتتدعّم أشكال المعرفة المختلفة ارتكازاً على الإرسال الإلهيّ، الذي لو لم يكن لما كانت هداية أيّ فرد مهما كان.

اكتساب المهارات لا يكون من فراغ، بل يساهم فيه تصحيح المسارات أو ما يُعرف بمصطلح ” النّقد”، الذي يرفع من نسب النجاح أكثر فأكثر، ويؤسّس بدوره لثقافة نقديّة في إطار أفكار إذا قبلت المناقشة لم تقبل الرّفض، كوحدانيّة الله مثلا، فلو أطلقنا العنان للنقد لكان مثل الفرس الهائج سرعان ما يحطّم كلّ شيء، إذ الكلّ ينقد الكلّ و هنا يولد الجدل، أفكار تتناقض فيها زوايا الرّؤى على أدنى تقدير،

فأيّة حضارة تنمو في مناخ متطرّف كهذا ؟.

ما هي أسمى أداة بعد العقل؟

و إذا لم نهمل العلم؛ فإنّنا لا نغطّي على التعبير العاطفيّ للإنسان و لو كان هذا أيضاً علم، فإذا شاركت الفنون في صياغة فكريّة سليمة، ذات فحوى يليق بتقدّم البشريّة؛ ستكون أسمى أداة بعد العقل، حيث سيتّسع المكان للعاطفة المسيّرة وفق منطق سليم، و بالتّالي نكون قد جعلنا كلّ شيء يخدم الدّعوة الفنيّة.

إجعل هذا منطلقاً لمناقشة ماهية الضّمير و دوره في المنظومة الأخلاقيّة للإنشاديّ. مشكلة الأجيال الثقافة، مشكلة الجماعات المختلفة عبر الزّمن مجموعة من الأفكار المتغيّرة باستمرار تحت وطأة التّوالد و النموّ الفكريّ، و عليه؛ فالحفاظ على خطّ فكريّ واضح سليم القواعد يصبح أولويّة استراتيجيّة منعاً لكلّ اندثار و ذوبان، و تتوضّح النّظرة أكثر إلى التربية؛ لما تلعبه من دور جوهريّ مميّز، و للتّداخل الذي يكون مع الإعلام؛ فإنّنا نتّجه إلى كلّ ما من شأنه تفعيل هذا المفهوم.

الافكار,الثقافة,الفن,الفكر الانشادي الحديث,