من هو جمال حمدان

جمال حمدان هو أحد أعلام مصر من العباقرة، بل وأيقونة للعلم تُنير الساحة العلمية، أو أنه منارة تنبعث منها أشعة العلم فتهتدي بها سفن من يشتاق علمه، ليشبع غريزته العطشى للعلم والمعرفة، وهو موسوعة وعقلية ذات عيار نادر، ومثال للأستاذ الأكاديمي والباحث الجاد المتفاني، الناسك المتأمل في عزلة تحرر العقل من قيود التفكير، إنه جمال حمدان.

انسحب الدكتور جمال حمدان من الحياة العامة وتنازل عن منصبه الأكاديمي وكرس نفسه لخدمة مجموعة واسعة من العلوم الاجتماعية، إلى جانب تخصصه الرئيسي، وهو الجغرافيا، فاستطاع الأستاذ المتمكن من حفر أنفاق تربط علم الجغرافيا بالعلوم الاجتماعية الأخرى، وبمهارة غير مسبوقة توصل إلى العديد من الحقائق الخفية، منها: موقع مصر وتاريخها القديم وثقافتها بل وتنبأ بمستقبلها.


نشأته

وُلد الدكتور جمال حمدان في 2 فبراير عام 1928 في محافظة القليوبية بمصر، وحفظ القرآن الكريم على يد أبيه، وكان والده أزهريًّا، ويعمل مدرسًا للغة العربية، وتم فصله من مؤسسة الأزهر التعليمية بتهمة المشاركة في مظاهرات الثورة المصرية عام 1919 م، وذلك قبل ميلاد دكتور جمال بحوالي 9 أعوام.


جمال حمدان والتعليم

التحق جمال حمدان بالمدرسة الإبتدائية في عمر الثامنة، وتابع مسيرته التعليمية حتى التحق بالمدرسة التوفيقية الثانوية المرموقة، والتي كانت وقتئذ إحدى المدارس الرفيعة، فقد كانت لها شهرة وطنية على مستوى التعليم العالي والمرافق الرياضية في مصر، وفي هذه المدرسة اكتشف شغفه وحبه وموهبته الفطرية للجغرافيا.

 

أكمل تعليمه في المدرسة الثانوية في عام 1944 م بدرجة امتياز، وأثبت تفوقه وجدارته، حيث احتل المرتبة السادسة في قائمة الخريجين في جميع أنحاء البلاد، واختار أن يكمل تعليمه بما يخص شغفه، فالتحق بقسم الجغرافيا في كلية الآداب- جامعة القاهرة، وحصل على درجة البكالوريوس بدرجة امتياز في سن العشرين، وتم تعيينه عضو هيئة تدريس في كلية الآداب.

حصل على منحة دراسية في المملكة المتحدة للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في الجغرافيا، وقدم رسالة بعنوان “سكان وسط الدلتا قديمًا وحديثًا” لرسالة الماجستير، ولكن كان يعتقد أنها تصلح لأن تقدم كرسالة دكتوراة، ونظرًا لتقدير أستاذه البروفيسور أوستن ميلر له، تمت الموافقة على تقديم الرسالة للحصول على درجة الدكتوراة.

عاد حمدان إلى مصر في عام 1951 م لجمع البيانات العلمية المتعلقة بالرسالة، وفي عام 1953 م، حصل دكتور جمال حمدان على درجة الدكتوراه بعمرٍ لم يتجاوز 25 عامًا وعاد إلى مصر، وعُين مدرسًا في قسم الجغرافيا، في كلية الآداب- جامعة القاهرة.


انسحابه من الحياة العامة

سرعان ما أدرك دكتور جمال التغيرات التي طرأت على مصر بعد ثورة 1952 م، لذلك فضّلَ أن ينسحب من الحياة العامة، فترك وظيفته الأكاديمية، وفرض على نفسه عزلة متجاهلًا فوضى الحياة حوله، ووفر لنفسه الأجواء المناسبة للتأمل والبحث والابتكار دون انقطاع، فكان له أن أخرج أعظم نتاج فكري وعلمي ليس فقط في الجغرافيا، بل وفي العلوم الاجتماعية الأخرى، لقد فكر في الجغرافيا كعلم وفن وفلسفة وأبدع فيها، وأنتج أعمالًا فريدة في دقتها غير مسبوقة في محتواها العلمي.


جمال حمدان والجغرافيا

لم يكن منظور حمدان للجغرافيا على أنها دراسة للتضاريس أو الحدود، ولكنه كان يطلق عليها جغرافيا الحياة، فمن وجهة نظره أنه، إذا تم تعريفها بشكلٍ كافٍ صحيح، سيتم تحديد نمط وطبيعة وشروط وقوانين الحياة في ذلك المكان بدقة، فعلم الجغرافيا واسع، وله أيدٍ خفية في الحياة وفي العلوم الأخرى.

ربما كان لموهبة حمدان في الرسم والخط فضل لتميزه في الجغرافيا، فقد شكلت إنجازاته الفكرية والجغرافية الفريدة أهم إنجاز بل وأعظم إنجاز للمدرسة الجغرافية المصرية، وتؤكد إنجازاته وأعماله على تفرد مصر من حيث الزمان والمكان والجغرافيا والتاريخ، وهذا طابع كتاباته والذي يضم عدة تخصصات لخدمة محتوى عظيم في ذاته، فقد جمع في كتاباته بين الجغرافيا والتاريخ وعلم الاجتماع والسياسة والثقافة، وكان الناتج أقوى محتوى عربي غير مسبوق.


تنبؤه بانهيار الاتحاد السوفيتي

تنبأ جمال حمدان بعدة أحداث، وكانت متوافقة مع حقائق الجغرافيا، وأهم هذه التنبؤات هو تفكك الاتحاد السوفيتي، وقد كان ذلك.


فضحه لليهود

يزعم اليهود الحاليين بأنهم من نسل بني إسرائيل، لكن وبالنظر إلى المراجع التاريخية والجغرافية القديمة أثبت جمال حمدان أنّ اليهود الحاليين لا ينتمون إلى بني إسرائيل، وقد أشار إلى ذلك في كتابه “اليهود أنثروبولوجيا”.


جمال حمدان وشخصية مصر

ومن أهم إنجازاته الفكرية موسوعة “شخصية مصر” والذي كان نتاجًا لعشر سنوات من الجهود المتفانية، ولم يلجأ لمراجع هيّنة، بل إنه قد استخدم خلالها 245 كتابًا عربيًا و691 كتابًا أجنبيًا بعدة لغات كمراجع، فكان الناتج موسوعة مرموقة غير مسبوقة، شرحت بدقة وعمق العوامل المكونة للشخصية المصرية منذ الأيام الأولى للفراعنة.

تفوقت موسوعته على موسوعة “وصف مصر” والتي شرحت مصر أثناء الحملة الفرنسية. رأى حمدان أنّ مصر بمثابة ظاهرة جغرافية غير متكررة فريدة من نوعها، فأبدع في الكتابة والبحث فيها، وأخرج تحفة علمية غير مسبوقة.

الجوائز

حصل دكتور جمال حمدان عن استحقاق كاسح على عدة جوائز، منها:

جائزة الدولة التشجيعية في الفنون والآداب عام 1959 م – مصر.

جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1986 م – مصر.

جائزة التقدم العلمي عام 1986 م – الكويت.

وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى للعلوم والفنون عام 1988 م – مصر.


إنجازاته

ترك جمال حمدان العديد من الكتابات باللغتين: العربية والإنجليزية، منها سبعة عشر كتابًا باللغة العربية وثمانية كتب باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى العديد من المقالات باللغة العربية والمنشورة في الصحف والمجلات.


أعمال جمال حمدان باللغة العربية

دراسات في العالم العربي – 1958 م.

أنماط من البيئات – 1958 م.

دراسة في جغرافيا المدن – 1958 م.

اليهود أنثروبولوجيا – 1964 م.

المدينة العربية – 1964 م.

بترول العرب – 1964 م.

الاستعمار والتحرير في العالم العربي – 1964 م.

شخصية مصر – 1967 م.

استراتيجية الاستعمار والتحرير – 1967 م.

مقدمة إلى “القاهرة” بقلم ديزموند ستيوارت، ترجمة يحيى حقي – 1969 م.

العالم الإسلامي المعاصر – 1971 م.

بين أوروبا وآسيا: دراسة في النظراء الجغرافيين – 1972 م.

الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى دراسة في الجغرافيا السياسية – 1973 م.

حرب 6 أكتوبر في الاستراتيجية العالمية – 1974 م.

قناة السويس – 1975 م.

أفريقيا الجديدة – 1975 م.

شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان، أربعة مجلدات، من عام 1975 حتى عام 1984 م.


أعماله باللغة الإنجليزية

Population of the Nile Mid-Delta, Past and Present, Reading University, June 1953, 2 volumes Khartoum : Study of a City, Geog. Review.

1956 Studies in Egyptian Ubranism, Cairo.

 1960 Evolution of Irrigation and Agriculture in Egypt A History of Land Use in Arid Regions, Ed . L. Dubley Stamp UNESCO, Paris.

 1961 Egypt: The Land and the People, A Guide Book to Geology, 1962 Pattern of Medieval Urbanism in Arab World, Geog. Review.

 April 1962: A Political Map of the New Africa, Geog. Review. October 1963 The Four Dimensions of Egypt.

وفاته

تُوفي حمدان في 17 أبريل 1993 م تاركًا خلفه إرثًا ثريًا للأجيال المتعاقبة عن عمر يناهز 65 عامًا، في حادثٍ غامضٍ يثير الشكوك والتساؤلات، فقد تم العثور على النصف السفلي من جثته محترقة في شقته المتواضعة بالدقي، وكشف المقربون منه عن اختفاء بعض المسودات من الكتب التي كان يكتبها مثل “اليهودية والصهيونية” التي كانت تتألف من 1000 صفحة، مما يوجه أصابع الاتهام للموساد الإسرائيلي، ولم يكن ذلك مستغربًا؛ فقد كان حمدان أول من فجر فضيحة أنهم لا ينتمون بأي صلة إلى إسرائيل.

 

جمال حمدان شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

بدءًا من 22 يناير وحتى 4 فبراير لسنة 2020 م، سيُقام معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 51، ومن المقرر أن هذه الدورة مخصصة لإحياء ذكرى عالم الجغرافيا جمال حمدان، كشخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2020 م.

 

بعض أقوال جمال حمدان

إذا كان اليهود يقولون: “لا معنى لإسرائيل بدون القدس”، فنحن نقول لهم: “لا معنى للعرب بدون فلسطين”.

 

لقد خرج العرب من الصحراء ودخلوا التاريخ بفضل الإسلام، وما كان لهم هذا ولا ذاك بدون الإسلام. لم يكن الإسلام بالنسبة للعرب مجرد رسالة من السماء فقط، ولكنه أيضًا نجدة من السماء.

 

انّ ما تحتاجه مصر أساسًا إنما هو ثورة نفسية، بمعني ثورة على نفسها أولًا وعلى نفسيتها ثانيًا أي تغيير جذري في العقلية والمثل وأيديولوجية الحياة قبل أي تغيير حقيقي في حياتها وكيانها ومصيرها. ثورة في الشخصية المصرية وعلي الشخصية المصرية ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية مصر وكيان مصر ومستقبل مصر.

 

لعل من أبرز ملامح الشخصية المصرية، المركزية الصارخة طبيعيا وإداريا وهي صفة متوطنة لأنها قديمة قدم الأهرامات، مزمنة حتى اليوم.

 

الجغرافيا تاريخ متحرك والتاريخ جغرافيا ساكنه

كتب PDF ، كتب و روايات PDF ، أفضل تجميعات الكتب، كتب عالمية مترجمة ، أحدث الروايات و الكتب العربية ،أفضل ترشيحات الكتب و الروايات، روايات و كتب عالمية مترجمة.