علم الاجتماع و أهم مؤلفاته

علم الاجتماع هو الدراسة العلمية للعلاقات الإنسانية الاجتماعية، وهو علمٌ شاملٌ يتضمن كل ما يتعلق بالبشر كالقانون والدين والأسرة والأمراض الاجتماعية والطبقات الاجتماعية والأفكار الثقافية. يتعمق ويبحث في الظواهر البشرية ويفسر سبب حدوثها.

كما يعتبر علمًا ديناميكيًا يتناول المجتمعات البشرية وأنشطتها التفاعلية التي تحافظ عليها وعلى تقدمها، ويبحث بالطرق المنظمة للمجتمع باتباع أُسس المنهج العلمي.

مؤسسو علم الاجتماع

يضم علم الاجتماع عددًا لا يحصى من الأفراد الذين ساهموا في تطوره، إلا أن بعضًا منهم يستحقون إشارةً خاصةً، مثل:

أوغست كومت (1857_1798)

وهو فرنسي الأصل، يطلق عليه أبو علم الاجتماع؛ لأنه أطلق مصطلح علم الاجتماع في عام 1838 إشارةً لدراسة المجتمع بشكلٍ علميٍّ، والقوانين التي تحكم حياة البشر في مختلف المجتمعات.

قسّم تطور المجتمعات إلى ثلاث مراحلٍ: الدينية والميتافيزيقية والعلمية، فالمجتمعات برأيه بحاجة الحقائق العلمية لتتقدم وليس الخرافات البالية التي تسود المراحل الدينية والميتافيزيقية للتطور الاجتماعي.

علم الاجتماع برأيه يتكون من فرعين أساسيين:

الديناميت: دراسة الأنشطة التي تُغيّر المجتمعات.

الإحصائيات: دراسة الأعباء التي تتحملها المجتمعات.

تصور علماء الاجتماع في نهاية المطاف تنمية العلوم الاجتماعية الهادفة لتطوير المجتمع.

هيربرت سبنسر (1920–1903)

شبّه العالم الإنكليزي هيربرت سبنسر المجتمع بالكائن الحي بترابط أجزائه، وهذا الترابط مسؤولية جميع الأجزاء، فأي تغييرٍ يطرأ على إحداها سيؤثر على البقية وإذا ما ضعف أحد الأجزاء فعلى باقي الأجزاء التكيف ومضاعفة الجهود للحفاظ على تماسك المجتمع.

الأسرة والتعليم والحكومة والصناعة والدين ليست إلا شيئًا بسيطًا من تكوين هذا المجتمع. وضع سبنسر خطةً مقترحةً لتصحيح المجتمع تقوم على سياسة البقاء للأصلح، تتلخص آرائه بما يلي:

طبيعة الكائنات الحية تميل للاستقرار والتوازن.

يتجاوز المجتمع مشكلاته عندما تبتعد الحكومة، فالتدخل الحكومي في النظام الطبيعي للمجتمع من شأنه أن يُخرّب جهوده وبالتالي يضعفه.

يستمتع الأغنياء بوضعهم القوي الذي اختارته لهم الطبيعة، بينما يعاني الفقراء من توزيع الأدوار بهذا الشكل.

لذلك يجب على الفقراء أن يعيدوا توزيع الأدوار وتخصيص لأنفسهم المزيد من القوة.

كارل ماركس 1818-1883

ظهر العديد من المعارضين لأفكار سبنسر والذين كان واضحًا جليًا أمامهم الاستغلال الاجتماعي للفقراء من قبل الأغنياء، ومن بينهم كارل ماركس، وهو فيلسوفٌ سياسيٌّ ألمانيٌّ وخبيرٌ في الاقتصاد.

اختلف ماركس مع سبنسر حول فكرة الكائن الحي الاجتماعي الصحي، واعتبرها فكرةً زائفةً ويجب استبدالها بالنزاع الطبقي السائد في المجتمعات.

أعرب ماركس عن غضبه من طبقة الرأسمالية (التي وصفها بالبرجوازية) من خلال عدة أفكارٍ طرحها:

بيد البرجوازيين كل القوى المادية التي تجعلهم يتحكمون في تلك الطبقة الفقيرة المُسماة بالبروليتارية.

الصراع الطبقي من شأنه أن يولّد مجتمعًا خاليًّا من العنصرية، مكانة كل فردٍ تعود لإمكاناته فيعمل ويكسب حسب قدراته؛ لذا لا بد أن يثور العمال للإطاحة بالرأسماليين.

يقول سبنسر ليست الطبيعة العشوائية هي من قولبت البرجوازية والبروليتارية في أمكنتهم؛ بل الاقتصاد هو المسؤول عن ذلك، كما إنه يقيّم الأفراد بناءً على قيمهم ومعتقداتهم الدينية، فضلًا عن أنظمة المجتمع السياسية والتعليمية والحكومية. واستبعد فكرة التطور التلقائي للمجتمع وشجّع الناس على التغيير الذاتي للتقدم خطوةً نحو الأمام.

إميل دوركهايم 1858-1917

اتفق ماركس وسبنسر وكومتي على أهمية الدراسات العلمية لإعطاء صورةٍ كاملةٍ عن المجتمع (مع تباين وجهات النظر) على الرغم من عدم اعتمادها فعليًا. الفيلسوف وعالم الاجتماع إميل دوركهايم أيضًا أيّد نفس الفكرة، كما اعتمد الطرق العلمية لعلم الاجتماع كتخصصٍ.

احتلت ظاهرة الإنتحار تفكير دوركهايم، فألمَّ بالموضوع من جميع جوانبه وجمع معلوماتٍ كاملةً من خلال احصائيات دقيقة، ولم يعتمد على التوقعات فقط، كما أكد على استخدام الملاحظة المنهجية في الأحداث الاجتماعية، وأوصى بالابتعاد عن المواقف الإنسانية في شرح المجتمع واعتبار الدليل الموضوعي فقط.

ماكس ويبر 1864-1920

عارض عالم الاجتماع الألماني ماكس ويبر فكرة (اعتبار الدليل الموضوعي فقط) عند دوركهايم.

وتتلخص سياسته في بعض الأفكار أو التوصيات:

عند دراسة العلماء للحوادث الاجتماعية، يجب عدم الاكتفاء بالحدث نفسه بل البحث بالعوامل المسببة له من منظورٍ بشريٍّ.

كما يجب البحث في عواطف الناس فيما يتعلق بسلوكياتهم، فالسلوكيات البشرية مرتبطةٌ بتفسير الأفراد لها.

يجب اتباع طريقة Verstehenالقائمة على وضع أنفسهم في حذاء الشخص الآخر وبالتالي الحصول على تفسيرٍ لهذه السلوكيات.

أهمية علم الاجتماع

تتمتع دراسة علم الاجتماع بأهميةٍ كبيرةٍ ولا سيّما في المجتمع المعقد الحديث، وله استخداماتٌ عديدةٌ، منها:

يدرس المجتمع بكل تفاصيله بشكلٍ علميٍّ ودقيقٍ، مما يساعد على التطور وتنمية شاملة للمجتمع.

يتسلل إلى داخل الطبيعة الاجتماعية للإنسان، ويُعلل سبب كون الإنسان حيوان اجتماعي وسبب حياته ضمن الجماعة، كما يُبين تأثير المجتمع على الإنسان.

يزيد الأنشطة الجماعية ضمن المجتمع من خلال تنمية معرفتنا بالمجتمع والجماعات والمؤسسات الاجتماعية ووظائفها.

يُطلعنا على حيوات المجتمعات الأخرى في كافة المجالات، لكن يتوجب علينا فهم دوافعهم وظروف حياتهم وهذا ما نستمده من علم الاجتماع.

ساعدنا بالفهم العميق والعقلاني لذواتنا، معتقداتنا، أفكارنا، وقيمنا…إلخ. فقد غيّر وطوّر طريقة تفكيرنا وجعل حياتنا أكثر كمالًا وفائدةً.

دراسة المنظومات الاجتماعية العظيمة (الأسرة، المدرسة والتعليم، الدولة والحكومة، الصناعة والعمل، الدين والأخلاق، الزواج والأسرة، القانون والتشريع، الملكية والحكومة.. إلخ) وعلاقة الأفراد بكلٍ منها.

لعلم الاجتماع أهمية كبيرة في أنشطة الحياة الاجتماعية، كما يتمتع بكفاءةٍ عاليةٍ ليمتد ما بعد القاعات الأكاديمية والتدريس المدرسي والجامعية، ويوفر العديد من فرص العمل ذات المستوى الدولي.

تأتي الحاجة الأكثر لعلم الاجتماع في المجتمعات المتخلفة، وقد أرشد علماء الاجتماع الاقتصاديين لضرورة علم الاجتماع في تقييم الأوضاع الاقتصادية للمجتمعات.

تأتي أهمية علم الاجتماع في علاج الأمراض الاجتماعية الكبيرة (التسول، البطالة، الفقر، الجرائم، الإدمان…إلخ) من خلال تقديم تفسيرات تفصيلية تساعد في تجاوزها.

يعتبر علم الاجتماع أداةً تنظيميةً وتنمويةً للمجتمع، حيث إنه يساعد على فهم وتخطيط المجتمع وإعادة بنائه.

توجيه الحكومات إلى كيفية ترفيه الشعب وتأمين كافة مستلزماته، كالرعاية الاجتماعية المتنوعة، وتسعى الحكومات جاهدةً الآن لرفع المجتمع القبلي لمستوى الحضر.

عظّم علم الاجتماع قيمة الإنسان، ودعا الناس للتساهل والطيب فيما بينهم؛ فقرّب الناس من بعضهم فكريًا واجتماعيًا.

له أهميةٌ علميةٌ كبيرةٌ، حيث يبقينا على اطلاعٍ بالتطورات الاجتماعية من حولنا وبالتالي متابعة واجباتنا وتوقعاتنا المتغيرة.

فروع علم الاجتماع

يعتبر علم الاجتماع علمًا شائعًا وواسعًا للغاية، يضم الكثير من التخصصات والفروع، الفروع الرئيسية لعلم الاجتماع هي:

علم اجتماع نظري

يدرس النظريات الاجتماعية السابقة بشكلٍ علميٍّ، مثل نظريات كارل ماركس (كنظريات الحتمية الاقتصادية والصراع الطبقي) وإيميلي دورخيم (كنظرية الرضا) وأوغست سيمت وماكس ويفر وسوركين.

علم الاجتماع التاريخي

يهتم بدراسة وتحليل الأحداث الاجتماعية للمجتمعات السابقة، كنشأتها وتطورها. مثل دراسة سوركين لتاريخ الهندوس والرومان واليونان وغيرها من الحضارات الكبرى.

علم اجتماع المعرفة

يدرس المعارف والأفكار الإنسانية وعلاقتها بالظروف الاجتماعية التي تتأثر فيها وتعتبر أن أفكارنا نتاج بيئتنا، كالظواهر الاقتصادية والدينية والسياسية وغيرها من اهتمامات حفظ المعتقدات الانسانية والفكرية.

علم الإجرام

هذا الفرع متخصصٌ بالسلوكيات المنحرفة للأفراد في المجتمع. ويتضمن كل ما يتعلق بالجريمة من الأسباب للآثار مرورًا بالأنواع والعقوبة والقانون والشرطة.. إلخ. وتوجد منظماتٌ معنيةٌ لعلاج هذه المشكلة والسيطرة عليها.

علم الاجتماع الديني

يدرس هذا الفرع أصل الديانات المتنوعة وأثرها في النظام الاجتماعي، حيث لا يخلو تأثيرها من أي مجتمعٍ.

ويتضمن تقييم الأعمال الاجتماعية للبشر ودراسة الدساتير الدينية ودورها في المجتمع، تعمق كل من كومت وإميل دوركهايم وهيربرت سبنسر بالأشكال البدائية للدين.

علم الاجتماع الاقتصادي

يقوم على دراسة الأنشطة الاقتصادية المتنوعة للمجتمع، كالمنتجات التجارية من حيث نسبة الإنتاج وكيفية توزيعها واستهلاكها وتبادلها، من منظورٍ اجتماعيٍّ دون إغفال العوامل الثقافية، مثلًا: لماذا لا يأكل الهندوس البقر.

علم الاجتماع الريفي

يدرس هذا الفرع المجتمعات الريفية المتنوعة بطريقةٍ علميةٍ ويُلم بكل ما يخصها، فمثلًا يُبين أن سكان الريف أكثر من سكان المدن، كما وتختلف المعيشة بين الريف والمدينة (من ناحية العادات والقيم والأفكار والمعرفة والسلوكيات) بالإضافة للمؤسسات الاجتماعية والهيكل الاجتماعي والعمليات الاجتماعية وغيرها.

علم الاجتماع الحضري

يدرس نظام حياة المدن، ويقدم صورةً كاملةً عن كل الظواهر الاجتماعية فيها كالمؤسسات والمنظمات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي، كما يدرس المشاكل الاجتماعية كالجرائم والسرقة والبطالة والدعارة والفساد والتلوث وغيرها من مشاكل المجتمع.

علم الاجتماع السياسي

أي دراسة مواقف سياسية متنوعة ضمن المجتمع، وتتضمن الإيديولوجيا السياسية للمجتمع أصلها وتقدمها ووظائفها، وتعتبر الأحزاب السياسية مؤسسات اجتماعية ويتم دراسة أنشطتها باعتبارها جزءًا من النظام الاجتماعي.

علم الاجتماع الديموغرافي

وهو بمثابة دراسة إحصائيةٍ لعدد السكان وتنوعهم وتوزيعهم والكثافة السكانية، يتعمق بالتقسيمات السكانية مع تقييم التغيرات السكانية من منظورٍ اجتماعيٍّ، بالإضافة لعوامل التغيير السكاني واتجاهه.

علم اجتماع القانون

يعتبر القانون مؤسسةً اجتماعيةً، فهو أحد الأدوات الرقابية على المجتمع، كما يرتبط بأنظمةٍ اجتماعيةٍ فرعيةٍ مثل الاقتصاد والسلطة والعلاقات الأسرية وغيرها، لذلك يعتبر أداةً تنظيميةً لأخلاق المجتمع.

علم الاجتماع الصناعي

يهتم هذا الفرع بالمجال الصناعي للمجتمع، فيركز على المؤسسات الصناعية وعلاقتها مع باقي المؤسسات المجتمعية، وعلاقتها مع الأنشطة البشرية المتنوعة مثل المعرفة والدين والعادات والمعتقدات وشكل الحياة.

مبادئ علم الاجتماع

يوجه علماء الاجتماع دراستهم وفقًا لمجموعةٍ من المبادئ:

تقوم المجتمعات على المشاركات الجماعية.

تجسد معاملتنا وتقديرنا لبعض ضمن الجماعة.

توحيد الأفراد ضمن مجموعات متميزة تخضع لقوانينٍ ثابتةٍ، كالأسرة والحكومة والدين والتعليم.

السلوكيات البشرية تُظهر علاقاتٍ اجتماعيةً غير متكافئةٍ.

خضوعنا للتغيير هو شرطٌ أساسيٌّ للتطور والبقاء.

علينا تبرير وتوضيح أعمالنا الاجتماعية.

يجب توثيق معتقداتنا حول السلوك الاجتماعي.

نستطيع توظيف اعمالنا العملية في سبيل تطوير الحالة الاجتماعية للإنسان.

 لتحميل كتب علم الإجتماع يمكنك الدخول على هذا الرابط : علم الاجتماع 

كتب PDF ، كتب و روايات PDF ، أفضل تجميعات الكتب، كتب عالمية مترجمة ، أحدث الروايات و الكتب العربية ،أفضل ترشيحات الكتب و الروايات، روايات و كتب عالمية مترجمة.