كافكا

كافكا: المعذب البائس

كان هيرمان، والد كافكا، رجل أعمال يُوصف بأنه طاغية ومستبد، وكان غير موافق على سلوك ابنه طريق الأدب والكتابة كتب له كافكا رسالة طويلة بعنوان «رسالة لأب»، بث فيها كل مشاعره و معاناته التي عاشها معه منذ طفولته، لكنه لم يرسلها إليه وتعد هذه الرسالة من أهم المداخل نحو فهم أعمق لشخصية كافكا في رسائله لميلينا، يتحدث كافكا عن هذه الرسالة فيقول: ما أخافه وعيناي مفتوحتان على اتساعهما، بعد أن غرقت في أعماق خوفي، عاجزًا حتى عن محاولة النجاة، هو تلك المؤامرة التي تقوم في داخلي ضد ذاتي، تلك المؤامرة وحدها هي ما أخشاه، وهذا ما ستفهمينه بصورة أوضح بعد قراءة رسالتي إلى أبي، وإن كنت لن تفهمي ذلك منها تمام الفهم مع ذلك، لأن تلك الرسالة قد وجهت في إحكام بالغ نحو هدفها.

كان والده كذلك عصبي المزاج، وغالبًا ما كان يوجه جامّ غضبه على ابنه كافكا؛ ما أحدث أثرًا سيئًا عليه منذ طفولته الأولى، وهو ما يتبدى في خوفه الشديد ومقته في نفس الوقت للمدرسة – كما يحكي ذلك لميلينا في إحدى رسائله إليها- و يتجلى كذلك في استصغاره لنفسه وإذلالها، وفي شعوره بالحزن والكآبة اللذين رافقانه طيلة حياته.

حياته الإجتماعية لم تكن تسير على ما يرام، فقد خطب مرتين (أو ثلاث مرات بالأحرى، حيث خطب فتاة منهما مرتين) لكنه في كل مرة كان يفسخ العقد، وربما كان ذلك بسبب قلقه ومرضه. فمن المتفق عليه عمومًا أن كافكا عانى من الاكتئاب الإكلينيكي والقلق الإجتماعي طوال حياته، كما عانى من الصداع النصفي، والأرق وغيرها من الأمراض التي تأتي عادة بسبب الضغوط والإجهاد المفرط، وذاك هو السبب ذاته الذي كان يمنعه في وقت لاحق – بالإضافة إلى أسباب أخرى- من زيارة ميلينا في فيينا (لكنه زارها فيما بعد بالرغم من التعقيدات العديدة والإنهاك الذي أصابه جراء السفر).

كافكا،رسائل إلى ميلينا