بعض الظواهر الكهرطيسية التي قادت إلى النظرية النسبية

قانون غاوس

تتمتع الأجسام في الطبيعة بخاصية هي خاصية الشحنة الكهربائية، وهذه الشحنة يمكن لها أن تكون موجبة أو سالبة أو معدومة. فعلى سبيل المثال، الإلكترونات تمتلك شحنة سالبة في حين أن البروتونات تمتلك شحنة موجبة أما النيوترونات فهي معتدلة الشحنة.

ونحن نعلم تجريبياً أن الأجسام التي لها شحنات متماثلة تتنافر مع بعضها، فالموجب يتنافر مع الموجب والسالب يتنافر مع السالب، في حين أن الأجسام التي تمتلك شحنات مختلفة تنجذب إلى بعضها، فالسالب يجذب الموجب وبالعكس. أما الأجسام المعتدلة (شحنتها صفر) فهي لا تتأثر بقوى كهربائية.

وهذه القوى الكهربائية لا تعتمد على الشحنات فقط بل هي تعتمد على المسافات الفاصلة بينها وبشكل أدق فهي تتناسب عكساً مع مربع المسافة التي تفصل الجسيمين المشحونين. فمثلاً لو ضاعفنا المسافة التي تفصل بين جسيمين مشحونين فإن شدة القوة الكهربائية المتولدة بينهما ستتناقص أربعة أضعاف.

يمكن اختزال هذه الحقائق من خلال قانون يدعى قانون كولوم والذي يمكن أن نكتب صيغةً أعم له هي قانون غاوس وهو أول قانون سنتعامل معه وهو أساسي في الكهرباء الساكنة، وقانون غاوس يعبر عن الحقائق التي ذكرناها.

قانونا فارادي ولينز

لاحظ فارادي تجريبياً بأنه لو قربنا مغناطيساً من حلقة معدنية ناقلة، سنجد أنه أثناء تقريب المغناطيس أو أثناء إبعاده عن الحلقة سيتولد تيار كهربائي ندعوه تياراً كهربائياً متحرضاً ضمن الحلقة. والنقطة الأساسية هنا هي أن هذا التيار لا يتولد إذا كان المغناطيس والحلقة ساكنين بالنسبة إلى بعضهما حتى لو كان المغناطيس داخل الحلقة. فالمهم هو الحركة النسبية بين المغناطيس والحلقة.

كما لاحظ لنز بأنه عندما نقرب المغناطيس من الحلقة ستكون جهة التيار الكهربائي الذي يتولد في الحلقة بحيث يُنقص من تدفق الحقل المغناطيسي عبر الحلقة. في حين أنه لو قمنا بإبعاد المغناطيس عن الحلقة فسيتولد التيار بحيث يزيد من تدفق الحقل المغناطيسي عبر الحلقة.

لا وجود لشحنات مغناطيسية حرة في الطبيعة

نحن نعلم بأن المغناطيس يمتلك قطبين: قطباً شمالياً وقطباً جنوبياً. ماذا لو قمنا بتقسيم هذا المغناطيس إلى نصفين، هل يمكن لنا عندها أن نفصل هذين القطبين عن بعضهما؟ أي، ماذا لو أحضرنا قضيباً مغناطيسياً وقسمناه من منتصفه، فهل سنحصل عندها على جزء هو عبارة عن قطب شمالي صافٍ وجزء آخر هو عبارة عن قطب جنوبي صاف؟

في الواقع لا، بل ما سنحصل عليه هو مغناطيسان جديدان لكل منهما قطب شمالي وقطب جنوبي، ولو قسمنا أي منهما فأيضاً سنحصل على مغناطيسين جديدين كل منهما له قطب شمالي وقطب جنوبي. ومهما حاولنا، لن نتمكن من فصل القطب الشمالي عن القطب الجنوبي للأسف. هذا يعني أنه لا يمكن لنا أن نحصل على قطب شمالي معزول أو على قطب جنوبي معزول في الطبيعة. وهذا ما يُقصد به عندما نقول لا وجود لشحنات مغناطيسية حرة في الطبيعة.

قانون أمبير المعدل

إذا كان لدينا سلك نحاسي لا يمر فيه تيار كهربائي ووضعنا بجواره إبرة بوصلة، عندها لن يؤثر في إبرة البوصلة لا من قريب ولا من بعيد. ولكن بمجرد أن يمرر ضمنه تيار كهربائي سنلاحظ أن إبرة البوصلة قد انحرفت مما يعني أن التيار الكهربائي قد ولّد حقلاً مغناطيسياً.

كان أورستيد هو أول من لاحظ ذلك ولقد بنى أمبير على ذلك مستنتجاً العلاقة الكمية التي تربط شدة التيار المار بالحقل المغناطيسي الناتج عنه. إلا أن أمبير كان قد اسنتج هذا القانون فقط في حالة التيارات المستمرة، أي التي لا تغير شدتها أو اتجاهها مع الزمن، لكن ماكسويل لاحظ لاحقاً أن هذا القانون لا يمكن أن يتوافق مع القوانين التي سبقته، أو إذا قبلنا بأنه قانون عام يصلح حتى في حالة التيارات المتغيرة، فهو بالإضافة للقوانين التي سبقته سيؤدي إلى خرق انحفاظ الشحنة. ولاحظ ماكسويل بأنه حتى نستعيد انحفاظ الشحنة المثبت تجريبياً علينا تعديل قانون أمبير بحيث يأخذ بعين الاعتبار أن الحقل الكهربائي المتغير يتولد عنه أيضاً حقل مغناطيسي متغير.

معادلات ماكسويل

لقد جمع ماكسويل كلاً من قانون غاوس وقانون فارادي/لينز إضافة إلى القانون القائل بعدم وجود شحنات مغناطيسية حرة في الطبيعة إضافةً إلى قانون أمبير المعمم  في 4 معادلات ندعوها اليوم معادلات ماكسويل، وهي تعد بحق أحد أعظم إنجازات البشرية!

إذ بيّن ماكسويل أنه لو كتبنا هذه المعادلات في الخلاء، أي دون وجود منابع للحقول الكهربائية والمغناطيسية ما يعني غياب وجود شحنات أو تيارات، فهذه المعادلات تتنبأ بأن الحقل الكهرطيسي (وهو عبارة عن الحقلين الكهربائي والمغناطيسي) سينتشر على شكل أمواج ندعوها الأمواج الكهرطيسية وهي تنتشر بسرعة محددة تماماً هي سرعة الضوء في الخلاء.

طبعاً ماكسويل تنبأ بذلك رياضياً واستطاع من خلاله تفسير ارتباط بعض خواص سلوك الضوء في  الأوساط الشفافة بالخواص الكهربائية لتلك الأوساط. وبعد 20 عاماً بالضبط تمكن هاينرخ هيرتز من إثبات صحة تنبؤ ماكسويل بوجود الأمواج الكهرطيسية تجريبياً. وهي ذات الأمواج التي نستخدمها في الاتصالات الراديوية اليوم وفي الهواتف الخليوية والأقمار الصناعية وغير ذلك.