ماذا سيحدث إذا قررتَ القيام برحلة إلى الثقب الأسود ؟!

علينا أن نتخيل رحلة نشاهد فيها كيف سنكون إذ قررنا القيام بها (كما سألت). هذا هو الثقب الأسود، ذلك المكان الغامض فى الفضاء السحيق.
دعونا نبدأ الرحلة سوياً ونرى كيف سنكون. بداية لنعرف الثقب الأسود هو (نجم ميت) أو (نجم منتهى وقوده) ذو جاذبية شديدة جداً لايستطيع الضوء بسرعته الكبيرة أن يهرب منه. فدعونا نتحدث عن الثقوب السوداء بمعنى أشمل وأوضح.


 تاريخ إكتشاف الثقب الأسود

أول من اكتشف ان للضوء سرعة محددة هو رومر، وكان لإكتشافه هذا سؤالاً تم طرحه وهو: لماذا سرعة الضوء محددة ولاتريد ان تزيد إلى سرعة أكبر؟

فُسر ذلك على أن هناك شئ له تأثير على الضوء يجعل سرعته محددة وتم إفتراض ان للجاذبية تأثير مباشر على الضوء فى ذلك. حتى كتب “بيير لابلاس” كتابه “مقدمة عن النظام الكونى” وأعاد فكرة “أن للنجم الكثيف جائبية شديدة جداً، أى أن الضوء لا يمكن الإفلات منه.

فأى ضوء ينبعث من سطح النجم تعيده هذة الجائبية مرة أخرى”،هذة الفكرة تم وضعها من قبل “جون ميتشل” عام 1783م. لكن معاصرى لابلاس شككوا فى هذة الفكرة لضعفها نظرياً. حتى جاءت النظرية النسبية العامة لأينشتاين لتنهى هذا الجدال الدائر وتبرهن على إمكانية وجود ثقوب سوداء. فمنذ تلك اللحظة بدأ علماء الفلك فى البحث عن تلك الثقوب، حتى تم إكتشاف أول ثقب أسود عام 1971م.


الثقب الأسود

دعونا نغمض أعيننا، ونأتى بكوكب الأرض وماعليه ونضغطه بأيدينا إلى أن نوصل حجمه إلى حجم ((كرة البينج)) يالها من غرابة كونية نعيش فيها وتحيط بنا.

والآن نذهب إلى الواقع الذى ليس ببعيد عما تخيلناه، فى الحقيقة عندما يستنفذ نجم ضخم وقوده النووى، فإنه يفقد من حرارته ويتقلص وسيكون إنحناء الزمكان، إنحناء بالغ الشدة بحيث يتكون ثقب أسود لا يمكن الضوء أن يفر منه وسيصل الزمان إلى نهايته داخل هذا الثقب الأسود.

هذا يعنى ان الثقب الأسود جسم شديد الكثافة صغير الحجم، له جاذبية كبيرة (حتى الضوء بسرعته لا يستطيع النفاذ منها).نترك كل هذا وندخل داخل هذا الثقب الأسود ، الذى فيه المغامرة تصنف على إنها مغامرة من النوع الخطير، ونري كيف سنكون بداخله.


بدأت الرحلة

دعونا نشد الترحال أخيراً ونذهب إليه. ذهبنا نحن إلى الثقب الأسود من بعيد فوجدنا لافتة مكتوب عليها أفق الحدث أو Horizon event. قادتنا الدهشة والشغف لمعرفة ما تشير عليه اللافتة، فذهبنا إليها وحينما لمست أرجلنا أسفل اللافتة وجدنا أنفسنا نجُذب بشدة رهيبة وعجيبة..

فوجدنا إستطالة تحدث فى أجسامنا بشدة -شئ مفرح لمن هو قصير- لكن الأمر تطور إلى انقسام أجسادنا الجزء الأسفل عن الأعلى ، ولكن فيك حياة وانت تعيش وتشاهد أنقسام جسدك للمرة الأولى والأخيرة فى حياتك.

هذا ليس بكل شئ فقد وصلنا لمرحلة أنك تدور بسرعة شديدة جداً لدرجة وجهك يرى ظهرك فى نفس اللحظة. ثم نأتى إلى مراحلك الأخيرة فى هذة المغامرة وهى جسدك المتبقى ينقسم إلى أجزاء الأخيرة وهنا تودع فى تلك اللحظة الحياة.


التناقض بين النظرية النسبية و ميكانيكا الكم

جميع المعلومات التى تدخل الثقب الأسود تختفى إلى الأبد وهذا مايتعارض مع مبدأ ميكانيكا الكم الذى يقول أنه لا يمكن أن تختفى معلومة من الكون وهنا يأتى التضارب بين ميكانيكا الكم والنظرية النسبية لأينشتاين.

فحسب النسبية العامة لأينشتاين يعرف الثقب الأسود بصورة أدق على إنه منطقة من الزمكان* تمنع فيها جاذبيته كل شئ من الإفلات بما فى ذلك الضوء. ذلك يذكرنى بكلمة دانتى التى قالها عند مدخل الجحيم ونحن نقولها عند لافتة افق الحدث فى الثقب الأسود :(ودّع كل أمل، يامن ستدخل هنا).


هل يمكن لنا رؤية الثقوب السوداء

الحقيقة عملياً يمكن ذلك بواسطة التليسكوبات الكبيرة. لكن أرى سؤالاً منكم الآن: كيف ذلك والثقب الأسود يبتلع جميع الأشياء حتى الضوء، معنى ذلك ظهوره باللون الأسود فى الفضاء، مما يصعب رؤيته؟

دعونى أجيب: بالحقيقة يظهر باللون الأسود وبالتالى يصعب رؤيته فى الفضاء، لكن لأنه يتمتع بجائبية شديدة يجذب كل مايقترب منه فإنه يظهر فى التليسكوبات الكبيرة حينما يبتلع مادة أحد النجوم القريبة منه


الزمكان: مصطلح فيزيائى حديث مكون من كلمتى الزمان – المكان ليعبر عن الفضاء رباعى الأبعاد (3أبعاد مكانية الطول – العرض – الإرتفاع والبعد الأخر الزمن) الذى أدخلته النظرية النسبية ليكون فضاء الحدث بدلاً من المكان المطلق الفارغ فى الميكانيكا الكلاسيكية.