الأحلام ومعناها: هل هي مجرد تجسيد لرغبات دفينة؟

مفهوم الحلم بين الماضي والحاضر

لعدة قرون، شكك الناس في مفهوم الأحلام مجملًا. ومنهم الحضارات المبكرة التي وصفت الحلم على أنه الوسيط بين البشر والآلهة، وعن تفسير الإغريق والرومان فقد اعتبروه بمثابة التوقع للمستقبل. لكن منذ ذلك الحين تغير الزمن وتغيرت النظريات ليصبح تعريف الأحلام  بأنها مجموعة الصور والقصص التي ينسجها العقل أثناء النوم، والتي تجعلك تمر بمشاعر مختلفة ومتغيرة كمشاعر الفرح أو الحزن أو حتى الخوف. وقد تبدو لك عقلانية أو مربكة وغريبة بعض الشيء. ومن الطبيعي أن تحلم في أي وقت؛ لكن عند الحديث عن نوم حركة العين السريعة، فحينها يعتبر الحلم أكثر حيوية حيث يكون الدماغ أكثر نشاطًا خلال هذه المرحلة.


وجهات نظر علماء النفس حول ماهية الأحلام

اختلفت وجهات النظر حول ما تعنيه الأحلام، حيث يعتقد عالم النفس الشهير سيجموند فرويد أن الأحلام ما هي إلا نافذتنا التي تكشف عن أفكارنا ورغباتنا اللاواعية، وأنها وسيلة الأشخاص لتلبية رغباتهم غير المقبولة من المجتمع. ويرى آخرون أن الأحلام تعكس أفكارنا ومشاعرنا، وأيضًا رغباتنا ومخاوفنا العميقة؛ خاصة تلك التي تحدث مرارًا وتكرارًا. وأنه من خلال تفسير أحلامنا، قد نكتسب نظرة ثاقبة عن حياتنا وأنفسنا، حيث يجزم  الكثير من الأفراد أنهم توصلوا إلى أفضل أفكارهم وهم يحلمون.


الجدير بالذكر أن المعنى الكامن وراء الحلم فريد لكل شخص منا، وبالتالي ليس على البشر الاعتماد على الكتب وقواميس الأحلام التي تعطي معنى محددًا لصورة، أو رمزًا معينًا للحلم.

قد تراودنا أيضًا أحلام واضحة تحدث نتيجة تعزيز النشاط في أجزاء من الدماغ والتي تكون عادة هادئة أثناء النوم، وهذه الأحلام الواضحة هي الحالة الدماغية بين الاستيقاظ وحركة النوم السريع. في هذه المرحلة يكون لدى بعض النائمين قدرة التأثير في الحلم وتغيير قصته، قد يكون هذا جيد أحيانًا، خاصة أثناء الكوابيس. لكن الأفضل هو ترك أحلامك تتدفق بشكل طبيعي.

لماذا نحلم؟

هناك نظرية تدعم بأن الحلم هو امتداد لأفكارنا وما تعلمناه على مدار اليوم. وأخرى نظرت في أهمية الأحلام لصحتنا ورفاهيتنا، ووفقًا لهذا فقد قام باحثون بإيقاظ أشخاص أثناء حركة نومهم السريع، ووجد أن أولئك الذين لم يسمح لهم بالحلم يعانون من التوتر والقلق، زيادة الوزن، وصعوبة في التركيز والهلوسة بعض الشيء.

لهذا، يُعتقد أن الأحلام موجودة من أجل المساعدة في حل بعض مشاكل حياتنا، ودمج الذكريات ومعالجة العواطف.

على الرغم من المحاولات العديدة لإزالة الغموض عن ظاهرة الأحلام بشكلٍ عام، إلا أننا ببساطة لم نقترب بعد من الإجابة عن هذا السؤال. لكن وفقًا لما ذكره جيم باجيل، مدير مركز اضطرابات النوم في جنوب كولورادو:

إذا كان للحلم وظيفة فعلية، فإنه يدعم حقًا سبب قضاء ثلث حياتنا في النوم.

وفي الوقت الحالي، سيكون علينا الاكتفاء بالاستمتاع بالعرض الذي يقدمه دماغنا كل ليلة.

الأحلام والفترة الزمنية

بالنظر إلى الفترة الزمنية التي نقضيها في الأحلام يا أعزائي، سنجد أنها تستمر بضع دقائق فقط في وقت مبكر من الليل. إلا أنها قد تصبح أطول أثناء نومنا في وقت لاحق من الليل، وقد يستمر الحلم لأكثر من 30 دقيقة. لذا فإننا تقضي نصف ساعة في حلم واحد. ووفقًا لمؤسسة النوم الوطنية، فإن الشخص العادي يحلم من 4 إلى 6 مرات في الليلة الواحدة، الأمر الذي يجعلنا نقضي ما يصل إلى ساعتين على أرض الأحلام على مدار ليلة واحدة.

السبب وراء تذكر أو نسيان ما نحلم به

يُعتقد أنه إذا لم يحصل شخص ما على قسط كاف من النوم، حينها سيكون من الصعب عليه تذكر أحلامه صبيحة اليوم التالي. أيضًا السمات الشخصية يمكن أن تكون مؤشرًا على ما إذا كان الشخص سيكون قادرًا على تذكر أحلامه أو لا.

وجد الباحثون أن السمات الشخصية كالتأمل والتفكير الإبداعي، هي ما تجعل من يتصفون بها أكثر عرضة لأحلام اليقظة وتذكر أحلامهم بدرجة كبيرة. وفي الوقت نفسه يميل الذين يركزون على الحياة العملية إلى صعوبة في تذكر أحلامهم، مما يعني أن هناك نوع من الأشخاص من الطبيعي أن يتذكروا أحلامهم أكثر من غيرهم، على الرغم من جودة نومهم.

عوامل أخرى، مثل الإجهاد أو التعرض لصدمة، يمكن أن تتسبب في امتلاك الناس لأحلام وكوابيس حية، من المرجح أن يتذكروها في اليوم التالي. وهو الأمر الذي سيؤثر بالسلب على الحالة المزاجية ويسبب المزيد من التوتر أو القلق.

إلى أي مدى يمكننا التحكم في الأحلام

إن قدرتنا على التحكم في أحلامنا هو أمر حقيقي حقًا وأكثر بكثير مما يعرفه الناس أو يدركوه. وتختلف تفاصيل كيفية القيام بذلك اختلافًا كبيرًا، اعتمادًا على ما إذا كنت تحاول إحداث أحلام واضحة، سواء كنت تحاول أن تحلم بمحتوى معين أو ما إذا كنت تحاول أن تحلم بحل لمشكلة شخصية أو موضوعية. وهناك تطبيق آخر شائع وهو التأثير على الكوابيس، وخاصة الكوابيس المتكررة اللاحقة للصدمة؛ إما لإيقافها، أو تحويلها إلى نوع من حلم يمكن السيطرة عليه.

وقد باتت الأحلام جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وسواء كنا نتذكر ما نحلم به أو لا، سواء كنا نشاهد أحلامنا بخلفية ملونة أو خلفية معتمة، يبقى كل ما علينا هو التعمق أكثر وأكثر؛ وصولًا إلى المخزى الحقيقي وراء حلم كل منا. فقد يكون علاجك لحل مشكلة ما، وقد يكون نافذتك للتقدم في حياتك بشكل أجمل.