لا نريد أن نسألكم أن كنتم تعرفون إحسان عبد القدوس أم لا، لأنكم على الأرجح تعرفونه كونه أحد أهم رموز الأدب العربي عبر عصوره، إنه من أبرع الكتّاب العرب الذين أنجبهم التاريخ، فقصصه وأعماله انتشرت على نطاق واسع حول العالم، والعديد منها تحولت إلى أفلام ومسرحيات وعلى برامج إذاعية عديدة، وتُرجمت لأكثر من لغة.

إحسان الذي لازم عهداً بكونه كاتباً يدافع عن أفكاره، كان لا يستسلم أبداً مهما جارت عليه الظروف والبيئة المحيطة به، التي كانت تحاول دوماً محاربة أي شيء مختلف أو لا يسير مع القطيع، محاربةً من لا يشبهها بالأفكار والسلوكيات السائدة، فأفكاره السياسية القوية وبعض أعماله الجريئة قد وضعته في مواجهة نقد لاذع من الكثير، ومع ذلك لم يبرح، وظل صامداً ينشر أفكاره التي ستخلد أبداً بالأدب العربي.

من أهم رواياته ما يلي:

ثقوب في ثوب أسود

تحكي هذه الرواية عن الصراع العنصري بين البيض والسود، إلا أن الكاتب قام بطرح فكرة مختلفة، وهي الحديث عن الأشخاص المولودين بعرق مختلط، أي أنهم نتاج تزاوج إنسان أبيض من إنسان أسود، وذلك عن طريق شخصية سامي وأخته سامية الذين وُلدا من أب أبيض وأم سوداء، والتكلم عن معانتهما من عقد نفسية نتيجة التعامل العنصري معهما، فيقرران الالتقاء مع طبيب نفسي نسي إجازته وسعى لمعالجتهما.

تتلخص القضية حول كيف سيكون شعور الشخص المزدوج والذي يدعونه بالعادة (الماتيس)، وكيف سيجمع بين حبه للسود كونه أسود وكرههم لهم كونه بنفس الوقت أبيض، وبالتالي كانت هذه الرواية من أهم ما أبدعه هذا الكاتب بالرغم من أنها لم تقرع باب السينما.

لا أنام

يعتبر بالنسبة للقراء كرواية رعب نفسي، و رواية كوابيس لكل أبوين منفصلين، إذ إن القصة تدور حول فتاة تبلغ الـ 16 من العمر، تحاول وبشتى الوسائل تدمير زواج أبيها الثاني ومن خلال ذلك تدمر حياة كل من حولها.

و بكمية الشر الهائلة داخلها ستجعلك ترى شيطاناً على هيئة إنسان متنقل، إلا أن بالنهاية الإنسان هو خير معجون بالشر، ليس طاهر بالكامل كالملاك، ولا شر مطلق كالشيطان، فقط يتأرجح ما بين هذين المجالين، لذا وبعد كل هذه الاقترافات، يعاقبها ضميرها بالحرمان من النوم.

هذه الرواية مقتبسة من رواية فرانسوا ساجان (صباح الخير أيها الحزن) والذي بالفعل يحتوي على خطط شيطانية قابلة للتطبيق بنجاح لحد هذه اللحظة.

في بيتنا رجل

تتمحور هذه الرواية عن الثورة المصرية التي حدثت عام 1952، إذ تحول فيما بعد إلى فيلم له نفس الإسم ببطولة عمر الشريف، حسن يوسف بدور، رشدي أباظة، وزبيدة ثروت.

يناقش الفيلم قصة الطالب الشاب الذي يشارك في مظاهرة طلابية يخطط لها مسبقاً، إلا أن استشهاد صديقه جعله يقرر الانتقام وقتل رئيس الوزراء المتواطئ مع الإنجليز، لذا تم حبسه فيما بعد وتعذيبه أشد أنواع العذاب إلى أن تم نقله إلى المشفى، وهناك يساعده ممرض على الهروب ليقيم فيما بعد في بيت صديق له بعيد كل البعد عن السياسة، ومن ثم تبدأ الجلسات العائلية عن ذلك الشاب الغريب الذين يسكن دارهم.

لا تطفئ الشمس

للكتاب جزئان، ويعتبره الكثير من أروع ما كتب إحسان، فهو يتكلم عن الشباب وحالة الشباب واختلاف آرائهم ومسير حياتهم عبر جمع أكثر من نموذج بعائلة واحدة، بيت فقد رب العائلة، ليبقى بداخله امرأة أرملة وخمسة أولاد، هم شابان و3 فتيات، لكل منهم أحلامه، لكل منهم مسار عليه اتباعه، منهم من جمد حياته وشبابه وعمل أن يكون رب الأسرة الجديد، الذي يعمل ويحاول إعانة عائلته، أما الآخر رأى أن عليه أن يجري وراء أحلامه، كلاهما مختلفان كثير الاختلاف، ولا يمكن أن يجتمعان بشيء كالزيت والماء.

أما الفتيات كل منهما تعاني من مشاكل عاطفية، كمفيدة التي تمتلك عقدة الجمال والأنوثة والتي جعلتها تهرب من ألمها بأي طريقة، أما الأختان الباقيتان كل منهما واقعة بالحب، إلا أن الأولى عاشقة لرجل فقير غير قادر على الزواج، أما الأخرى فهي عاشقة لرجل متزوج، وهذا ما جعل الأم مشتتة بين كل هؤلاء الأبناء، لتصف نفسها في النهاية بالفشل.

بئر الحرمان

مرة أخرى يتوغل إحسان بالنفس البشرية، ويتوغل في أعماقها الشريرة الموحشة، وذلك عن طريق قصة طبيب نفسي ومريضته التي تعاني من انفصام بالشخصية، فهي تارة الزوجة المحبة البريئة الصالحة، وتارة تلك المرأة الشريرة الحاقدة التي تدعي أن لها اسم مختلف عن اسمها الحقيقي.

ولمعرفة السبب، لا بد للطبيب الرجوع بتفاصيل حياتها إلى الوراء حتى أيام الطفولة، إلا أن ذلك لم ينفعه، فاستعان بالأب حتى اكتشف شيئاً اعتقده المفتاح، لذا عليه أن يتأكد من خلال جلب المزيد من تداعياتها وتحليلها لحل الأزمة.

يعتبر من أعقد كتب إحسان، إذ قد يصيبك الدوار في سطورها عندما تربط التداعيات وما علاقتها بالنفس البشرية، كثير من القراء ينصحون بقراءتها.