تأليف : أنوك دي كونينغ

أحلام عولمية , تعالج الكاتبه آنوك دى كونينغ الانتماء الكوزموبوليتانى الذى يتجسد في الكوفي شوب القاهرية الراقية , وفي جمهورها المنتمى للطبقة المتوسطة العليا في لغتهم المهجنة , وفي ملابسهم المستوردة الثمينة وفي لغة أجسادهم وخلفياتهم التعليمية , في اوساطهم الأسرية والاجتماعية ومدى ارتباطهم بثقافة العولمة واقتصادياتها , كما يتجسد هذا الانتماء ذاته في الكوفى شوب ذاتها الذى تعد حلقة من سلسة دولية ملتزمة بأسلوب معين من جهة المظهر الخارجى , وفي التصميم الداخلى وفي قائمة الأطعمة والمشروبات , وفى الاسم الذى يحمله هذا الكوفى شوب وفي أصناف الطعام والأشربة وفي النظافة والالتزام بالصحة العامة و تمضي دي كونينغ بالقارئ، على نحو جميل، إلى عالم النخبة النيوليبرالية، الطامحة، العولمية، المنتمية إلى الطبقة المتوسطة العليا في مصر وتناقضاتها.. وتسمح لنا بأن نرى ما تدور حوله الخلافات، بالفعل، حول الطبقة والثقافة والامتيازات، كما تسمح لنا أن نفهم الإطار السياسي الأوسع الذي أنتج هذه الطبقة الجديدة والشابة نسبيًّا، وحافظ عليها. فالولع الاستهلاكي والأناقة والمقاهي والتكنولوجيا هي العلامة التي تفوق التوجهات الإسلامية في تمييز هذه النخبة وإن كان غير واضح بعدما إذا كانت أحلام العولمة والنيوليبرالية سوف تشعل حماسهم أمأنها سوف تصيبهم بخيبة الأمل "ورغم أن الكباري العلوية فعلت الكثير لتحسين حالة المرور التي كانت سيئة السمعة، لكنها خلقت أيضا شروطا لمزيد من الانفصال بين فضاءات القاهرة، إذ تسمح شبكة معقدة من الطرق الداخلية والطريق الدائري لأصحاب السيارات الميسورين بالتحرك من أحد الأحياء الراقية إلي الآخر، دون النزول إلى الارتباك والازدحام والإملاق في الفضاءات القاهرية الأشد فقرًا"، ربما تبرز أهمية هذا النص في وقت لاحق هنا، لكن أهميته سوف تتجلي في جوانب أخرى إذا ما وضع في تناص مع ما وصفه أحدهم بالطرق الملتفة في الضفة الغربية وهي طرق تتبناها حكومة الاحتلال الإسرائيلي ويقتصر استخدامها علي المستوطنين فقط بحيث" تتحول التجمعات الفسلطينية إلي كانتونات محاصرة بالمستوطنات "-}عبدالوهاب المسيري، اللفة والمجاز، 104{ -، وبذلك يصبح بإمكان المستوطنين التحرك بحرية دون الاضطرار إلى الاحتكاك بأي فلسطيني لا يقصد من هذا أن ثمة تتطابق بين الفكرتين، ولكن ما أحاول توضيحه وما تسعى إليه الكاتبة أحيانا هو بيان أثر الترتيبات السياسية والاقتصادية على إعادة توطين وترتيب الإقليم الوطني أو كما تدعي ساسكيا ساسن فإن الجغرافية الجديدة التي تسند إليها المدن العولمية تزيل الترتيبات التقليدية للفضاء لصالح أخري أكثر ارتباطا بالتفاوتات والترتيبات الاقتصادية الاجتماعية.

---