11 | الوصايا

نشرت هذه الرواية لأول مرة عام 2018 عن دار نشر الكتب خان للمصري عادل عصمت، و وصلت هذا العام للقائمة الطويلة للبوكر العربية، يحكي فيها قصة وصايا عشرة تحكى على لسان الجد موجهها إلى حفيده “الساقط”، على حد وصف الجد في الرواية.

تظهر أحداث الرواية عبر سرد قصصي لأحداث المكان عبر الزمان، التغييرات التي حصلت على المكان والزمان والسكان، وذلك من خلال سرد سلس بسيط أقرب ما يكون للغة العامية التي نسمعها كل يوم، ستعود بك الرواية إلى أيام حكايات الجد والجدة.

ربما لم يعمل بطل الرواية بوصاياه

الوصايا ناتج الرحلة

خلاصة وليست المشوار

و لو عمل بها ما احتاج لأن يسردها لآخر

لأنه كان سيصل إلى نتائج أخرى

الوصايا إطار محكم نغلف به الصورة

لعله قطعة منها... ولعله استعارة من خارجها

الرواية رحلة والوصايا قائمة محطات

أن تحكي معناه أن تصب حياتك في سبيكة كلما رأيت إشعاعها أضفت لوهجها العميق حضورك

لابد من حكاية الرحلة... لابد من تحويل المسيرة إلى سيرة... لابد من صب الذهاب في المشاوير اليومية في مذهب كان يتشكل طوال العمر..

الشخصيات المتخيلة لها وصاياها، الراوي له وصاياه، والمؤلف أيضًا ..

وفضاء السرد مشحون بمغناطيسية الأيديولوجيا، تلك الأفكار التي تتوهج في أصوات و أزمنة في صمت وأمكنة، في مناقشات ومداخلات، في وجوه شبه خفية بين عالم الحواديت المنطلق بلا منطق في أنهار السطور وعالم مقيد خارج الألفة

فـ من حق عادل عصمت أن يكتب وصاياه.. لما لا وهو تعلّم وتعذّب وشرّق وغرّب.. وعليه أن يضع خبرته في عمل يحفظها.. يا لها من مسئولية تحملها عادل عصمت وهو يسحب من ذاكرته نفسه التي صحبها من نهاية الخمسينيات..

يستخلص منها حكيمًا بصوت الجد وشفقة الأب ونبض القلب.. ألم يصبح كثير من أبناء جيله جدودًا يهمسون لأحفادهم بالمأثورات.. ويأملون أن يحفظها عنهم من يسمع وياليته يعمل بها.. مع إن نفوسهم مازالت تستكشف سبل الحياة

الوصايا قطعة من نفسك.. بحدود غيطانك وترعتك.. إنها أوراق شجرتك..

ترتوي من سحب سمائك.. من ملامح ساكني الدلتا وأشواق مغتربيها.. إنها نص روحي صوفي.. يصنع صوفيته من ترانيم نايات الفلاحين وابتهالات أرواح الواثقين باليقين المكتوبة حروفه بين الأرض والسماء.. رواية رائعة يا عادل تضيف لقارئها طمأنينة يذوب فيها صخب التحولات.. تغرّد فيها طيور تندمج في مقامات ألوان الفرح والحزن معًا في نغمة لا تفارق من صحبها.. فكأن أوراقها من طمي طين ضارب في تكوينات الزمان.. ومعانيها من وميض النجوم الساهرة بقلوب الزارعين والعاملين والمطالعين حروف كتاب الكون في أمسيات السمر التي يظل أثيرها متنفسا للإنسانية

الوصايا رواية عشق للتواصل والكلمة والأسرة والأرض، تقرأ الماضي للفهم فتحتضن التجربة وتستخلص الخبرة، وتلملم فروع الحاضر المتشابكة والمتباعدة والمتوارية من حقول الغفلة إلى حديقة المعرفة.

الوصايا، عادل عصمت ، جائزة البوكر