معرض الكتاب هو الحدث الثقافي الأضخم بمصر، حيث ينتظره كل القُرّاء والمثقفين من جميع أقطار الجمهورية كي يذهبوا إليه ويبتاعوا الكتب الجديدة (والتي في العادة تكون ذات أعداد مهولة)، ليستشرفوا معها العام الجديد بمزيج من المعرفة والشغف.

لكن معرض الكتاب قد يبدو للبعض مثل معدة الوحش، مكان كبير جدًا توجد به الآلاف من دور النشر، والكتب التي لا تستطيع أن تحصيها عددًا، فذلك يدفع بعض الناس لانتقاء أي كتاب فقط لإشباع الحاجة الملحة للقراءة.

لكن هذا للأسف يعود عليهم بالسلب؛ لأنّ تلك الكتب في الغالب عندما يشرعون في مُطالعتها بالمنزل، يتكشفون أنّها غير مناسبة لميولهم الأدبية أو الفكرية على الإطلاق، وقد تم خداعهم بالغلاف البراق، الدار الأنيقة، أو الآراء التي لا تعبر أبدًا عن ما يجول بخاطرهم.

الآن في هذا الموضوع سنعطيكم سبع نصائح تفيدكم في انتقاء الكتب التي تمثلكم، وتمثلكم أنتم وحدكم.

هيا بنا!

1) لا تعتمد على الغلاف!

في أثناء جولتك بين خيام المعرض وأروقته تقع عينك على آلاف الأغلفة التي تتدرج فيها الجودة من المزرية، مرورًا بالمتوسطة، ووصلًا إلى الأنيقة جدًا.

تلك، الأغلفة هي فن، وفن صناعة الأغلفة غرضه الأساسي هو جذب الجمهور.

لكن في النهاية أنت أمام احتمالية تحمل 50% عائدًا لك و 50% دمارًا لك، إمّا أن يكون المحتوى حقًا يستحق أن يُطالع والغلاف عبر عن ذلك جيدًا، أو يكون الغلاف مجرد واجهة زائفة تستتر خلفها سطور خالية من المعنى والغاية.

لذلك، فالغلاف لا تعتمد عليه في انتقاء الكتاب الذي تريده أبدًا. صدقًا هذا عن تجربة.

2) ابحث عن الكاتب الذي تفضله

إذا كنت قرأت لكاتب معين لفترة طويلة وأعجبك قلمه، بالتأكيد أول شيء ستبحث عنه بين أطنان الكتب تلك هي الأعمال الأدبية له. لكن يجب عليك أن تضع في الحسبان أنّ العنصر الأساسي في تنمية الفكر هو القراءة المتنوعة بشدة، فيجب ألّا تحصر نفسك مع هذا الكتاب وتنفق كل أموالك على أعماله، وفي الناحية الأخرى توجد عشرات الكتب التي قد تجذب انتباهك أيضًا.

ببساطة اشبع رغبتك تجاه هذا الكاتب ببعض الأعمال، واترك المجال العقلي والمادي للمزيد من الكُتّاب والعناوين الأخرى.

3) دقق النظر في النبذة

في العادة عندما ينتهي الكاتب من روايته أو كتابه، يصنع له ملخصًا ويرسله لدار النشر كي تقرر إذا كانت ستضع كتابه في قائمة التقييم أم لا، وإذا تمت الموافقة عليه وأصبح الكتاب بين يديك الآن، يجب على الكاتب أن يلخص مُلخصه هذا أكثر في صورة نبذة، والنبذة هي السطور القليلة التي توجد في الغلاف الخلفي للكتاب.

تلك، يجب أن تكون مباشرةً ودقيقةً وتتمحور حول العمود الفقري للعمل الفني، ومن وجهة نظري هي أهم عنصر يجب الانتباه له قبل شراء الكتاب، فيجب عليك أن تقرأ النبذة جيدًا جدًا وتُقرر بنسبة كم من 10 أعجبتك الفكرة وجذبتك، وبناءً عليه يجب أن تنتقل للنصيحة التالية مباشرةً.

4) اقرأ الكتاب!

بالتأكيد أنت تتعجب من هذا الكلام.

هل تستطيع أن تقرأ الكتاب قبل أن تشتريه؟ أجل تستطيع.

فلتضع في عقلك أنّ البائع يريد البيع بأي شكل، خصوصًا إذا كان بائعًا عند تجار الأزبكية أو النبي دانيال بالأماكن المكشوفة من مساحة المعرض.

ببساطة خد الكتاب وافتح أول صفحة به وابدأ القراءة برؤية.

يمكنك أن تكتفي بأول نصف صفحة أو بأول صفحة كاملة، فدائمًا ما تكون أول صفحة في العمل الأدبي هي الأقوى والأرصن، فيجب على الكاتب أن يجذبك لتُكمل الصفحة التالية عبر رصانة أسلوبه، فإذا وجدت الأسلوب مزريًا من البداية، فيجب أن تراجع نفسك في شراء هذا الكتاب.

5) فاضل بين الأشباه

فلنفترض أنّك الآن مُمسك بكتاب يتحدث عن أفضل الفلاسفة في التاريخ، عارضًا لك ماضيهم، إسهاماتهم، وكيف طوروا الحضارة الإنسانية لتصل إلى ما هي عليه الآن.

شغفك بعنوان الكتاب والمحتوى وكل شيء سيدفعك مباشرةً لابتياعه.

لكن مهلًا، يجب أن تُفاضل قليلًا، فهناك عشرات الكتب التي تتحدث عن نفس الشيء.

الآن ابحث عن تلك العناوين ودوّن الأسعار، تقييمك لأسلوب الكتابة، وضع اسم الكاتب في الحسبان، وفي النهاية ستجد نفسك تحذف هذا وتقلل من أهمية ذاك، حتى تستقر على كتاب واحد فقط يُمكن أن نُطلق عليه “الصفقة الرابحة”.

6) خذ جولة أخرى

الآن بعد أن فاضلت بين الأشباه واشتريت الكتاب الذي تريده وأتممت جولتك كلها.

لا تقل أنّ اليوم قد انتهى ويجب أن أذهب الآن.

لا بالطبع، فمهما كانت جولتك دقيقةً وطويلةً فبكل تأكيد قد فاتتك بعض العناوين والكتب المستترة خلف أطنان أخرى من الكتب لم تطلها عينك بعد.

فقط خذ جولة أخرى وستجد أنّ الكثير قد فاتك حقًا، وعن تجربة. هذه الجولة الأخرى ستجعلك تفوز ببعض العناوين القيمة والصفقات التي لا تُعوّض!

7) انظر إلى محفظتك من حين لآخر

بينما أنت تتجول وتشتري هذا وذاك، يجب أن تنظر إلى حجم مشترياتك ومحتوى محفظتك، فأنت لديك كم معين من الأموال يجب أن تفوّض منه القليل تحسبًا لأي ظرف طارئ خارج المعرض، وإذا كانت لديك قائمة معينة.

هذا دافع أكبر للنظر إلى محفظتك ومقارنة المتبقي من الأموال مع المتبقي من الكتب التي لم تُشترى بعد.

تلك، النصيحة على وجه الخصوص إذا استغليتها جيدًا ستخرج من المعرض وبحوزتك كتب لا تستطيع أن تحصيها عددًا أو قيمةً.

وفي الختام

معرض الكتاب كخزائن قارون فيه من الجواهر، الذهب، وكل نفيس ما لا تستطيع أن تُحصي.

كل ما عليك فعله فقط هو التجول بدقة بين أروقته لتحصل على أفضل الغنائم بأقل مجهود.

اليوم قدمنا سبع نصائح تعينكم على انتقاء الكتب الأفضل بالنسبة لكم.

نتمنى لكم جولةً مثمرةً بمعرض هذا العام، ودمتم بخير.