كتب مصرية ساخرة جدًا ترسم الإبتسامة على وجهك

مذكرات الولد الشقي – محمود السعدني


محمود السعدني صحفي في الأصل لكن يتكلم بلسان كوميديان ساخر، لن أكذب عليك فهذه أول مرة أقرأ فيها لمحمود السعدني، وما تأكدت منه أنها لن تكون الأخيرة، الحقيقة أنني تأخرت كثيرًا في التعرف على هذا “الولد الشقي” الذي ومن الوهلة الأولى لقرءاة مذكراته أخذني معه في كمية “شقاوة” غير عادية بدأت معه من طفل صغير في المدرسة يحب المقالب والمغامرات والسفر، حتى أصبح شابًا بفكر ناضج لكن يزال يملك حس الدعابة والحكي.

مذكرات الولد الشقي ليست مجرد سيرة ذاتية يحكيها حكاء ماهر عن حياته المليئة بالأحداث، بل هي سلسلة، سرد خلالها حياته التي مرت بعصور مختلفة ولأكن أكثر دقة، التي مرت “بحكام مختلفين”، والحقيقة أن الولد الشقي لم يكذب خبرًا في الحديث عن أي منهم، فتعرض للاعتقال أكثر من مرة، والسجن لم يُوقف الولد الشقي عن إطلاق نكاته وكتابة مذكراته الساخرة بين قضبان السجن، حتى جاء السادات ومنعه تمامًا من مزاولة المهنة بحجة أنه يرمي النكات غير المقبولة!

فاختار الولد الشقي المنفى، وسخر من المنفى، وكتب مذكراته هناك ليضمها إلى سلسلة الولد الشقي. إن قرأت للسعدني فلن تسعد فقط بسخريته اللاذعة التي فاقت كل شيء، أنت ستغوص معه في شوارع مصر القديمة، في حكايات لا تمت لك بصلة ولكن تشعر أنك بطل من أبطالها، ستسافر معه وتضحك وتحزن.

ستعيش معه ذكريات الطفولة المليئة بالمقالب واللعب و”العلق” أيضًا. وفي سن المراهقة بدأ عقله ينضج أكثر ويتجه للقراءة المتعمقة في شتى المجالات وبالأخص التاريخ، الذي جعله يعشق القصص والحكايات. وبعد ذلك ستشاركه حياته العملية في الصحافة، سيأخذك لعالمه حتى تكاد أن تنسى عالمك!

“وسواء قرأت هذه الصفحات ولعنت حياتي، أو قرأتها ورثيت لها، فأنا على أية حال عشتها ولعنتها، ولكني أحببتها كثيًرا!” الولد الشقي.


التفاحة والجمجمة – محمد عفيفي

سفينة تغرق في عرض البحر الواسع، وينجو منها اثنان، البشمهندس أحمد والفنانة عزيزة أو زازا كما تحب يلقبها الناس، تساعدهم قطعة كبيرة من الخشب في أن يصلو إلى جزيرة عجيبة، فيها شجرة تفاح مثمرة طوال الوقت، وبئر مليء بالماء، وأسماك صغيرة حول الجزيرة يمكن صيدوها بسهولة، يتوقع البشمهندس أحمد أنه الآن أنعم الرجال وبصحبته أجمل النساء ولكن لم تكتمل سعادته حين يكتشف أن هناك غيره على الجزيرة، والذي زاد الطين بلة أنه ما إن نام لبضعة ساعات حتى ازداد شعر رأسه ولحيته وكأن شهور قد مضت!

رواية التفاحة والجمجمة فكاهية ولكن من نوع خاص، تحمل بين طياتها إسقاطات وفلسفة اجتماعية تجعلك تفكر بعد كل ابتسامة تعلو وجهك، تخيل وجود خمسة أشخاص على نفس الجزيرة، وكل منهم يمثل شيئًا ما، ستتخيل وأنت تقرأ الرواية بعض الشخصيات في حياتك تشبه هؤلاء، ستتخيل شخصيات عامة وقد تتخيل نفسك معهم في نفس المأزق!

ماذا كنت لتفعل لو كنت بجوار حسناء ومعك القوة والسلطة؟ وماذا كنت تفعلي لو كنت أنت تلك الحسناء؟

من الأهم المال أم القوة أم السلطة أم الجمال أم العلم؟ وما قيمة المال لو أن الحياة تحولت لغابة، الأقوى فيها هو الأبقى؟ كلها أسئلة ستجول في مخيلتك، ولكن تقلق لن تلبث أن تفكر فيها حتى يفاجئك الكاتب بأحداث عجيبة، وحوار بين أبطال القصة غير متوقع.

فالأحداث لا تتصاعد بشكل اعتيادي، أنت حرفيًا في حالة من الانفصال عن الواقع بكل اعتياديته وتعيش لحظات طويلة في مخيلة كاتب قرر أن يجمع بين طعم التفاح الناضج الشهي التي تأكلها وتستمتع بمذاقها وأنت تنظر لجمجمة متعفنة، هذا الكوكتيل الغريب لن تفهمه إلا إذا قرأت الرواية وصدقني غرابة الأحداث ستجعلك تنهيها في يوم أو يوم ونصف حسب قدرة تحملك!

بعد ما يناموا العيال – عمر طاهر

نعم ما يتبادر لذهنك هو فكرة الكتاب، هو ليس عنوان كوميدي يشد انتباهك كي تتصفحه، بل إن عمر طاهر كان يقصد أن يأخذك في غرف مغلقة وأحاديث بأصوات هافتة تدور بين أزواج ومتحابين.

لعلك الآن تذكرت نفسك عندما كنت تخلد للنوم وتسمع من الغرفة المجاورة لك والديك وهما يتحدثان، ولعلك كنت تفعل مثلي وتحاول أن تتلصص وتشب لآخر السرير كي تسمع ما يدور بينهما -ليس للتنصت والله ولكن لأنهم أحيانًا يذكرون اسمي بين الحديث- ومع الأسف لا أسمع شيئًا.

لعل هذا أيضًا ما كان يدور في عقل كاتبنا عمر طاهر وهو يبدأ في سرد قصص هذا الكتاب، لعله وهو صغير كان يريد سماع تلك الأحاديث بوضوح فتخيلها وهو كبير ونجح في أن يضع فيها لمساته التي تجعلك تبتسم تارة وتشعر بالحنين والدفء تارة أخرى.

خلال القصص القصيرة في كتاب بعد ما يناموا العيال، يحاول المؤلف بين السطور أن يسخر من بعض المسلمات في أغلب العلاقات؛ طريقة الغزل التي يتبعها الكائن المصري الجميل مع زوجته فيحاول جاهدًا أن يقول شيئًا رومانسيًا فيتحول في فمه إلى أحجار صغيرة تُرمى في وجهها ولكن برائحة الورود. فتقف الزوجة تائهة لا تعرف هل هذا مديح أم سخرية أم ماذا يريد هذ الرجل “في ليلته اللي مش هتعدي دي”!

لشتى ما كانت الأحاديث الهافتة تلك جذابة، ولشتى ما كان فيها حكايات مسلية ومخاوف من المستقبل وأحاديث بلا معنى أحيانًا، ونظرات وَلهٍ وشوق وأخرى نظرات تعاسة وفقدان شغف!

كل قصة ستشعر معاها أنك دخلت إلى بيت مصري بحكاية ومشاعر متفردة عن الأخرى، سترسم لوحات فنية لكل أسرة وكأنك تجلس معهم في غرفة المعيشة تشاركهم الحديث وأحيانًا كثيرة ستشعر أنك سمعت هذا الحديث من قبل لعلها كانت بينك وبين زوجك أو بينك وبين أطفالك أو في نقاش جاد مع والديك أو لعلك كنت طفل وسمعتها وأنت في غرفتك وأنت توهم والديك بأنك في سابع نومة!

لعلك تضحك – أنيس منصور

 يمكن أن نلقب أنيس منصور أنه “الصحفي الرحال”، وبسبب أنه يتقن العديد من اللغات وسافر أكثر من ٢٠٠ دولة حول العالم، فلك أن تتخيل كم القصص والمواقف التي مر بها! لن أضمن لك في الكتاب هذا أنك ستضحك ملء شدقيك، فحتى الكاتب نفسه يقول لك في البداية “في كتاب لعلك تضحك سوف تقرأ ما يدعو إلى الضحك، فإن حدث فقد نجحت، وإن لم يحدث فسوف أحاول مرة أخرى.. أو حاول أنت مرة أخرى!”.

أي نعم حاول أنت يا عزيزي واضحك، ولا تكن متربصًا لي، فلن أفعل كل شيء وحدي، وعلى الرغم من ذلك فأنا أضمن لك أنك ستتناول المقال تلو الآخر بلا كلل، ستشعر وكأن أنيس منصور بذاته يجلس معك على إحدى المقاهي ويسرد لك حكايات متعددة من شتى بقاع الأرض، وبعض الوقت يسود الصمت بينكما فيهرع في أن يقذف كم من نكتة أو بعض القفشات المتداولة في المجتمع، وستسمع منه أيضًا أفكار نقدية وأخرى بها معلومات قد لا تهمك ولكن بالتأكيد ستسعدك لأنه يسردها بشكل متقن ومختلف، ومقالات يعلق فيها على رؤساء وشخصيات عامة، وستسمع منه عن طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ والسادات الذي قابلهم وجهًا لوجه، وغيرهم الكثير. من الآخر، هذا الكتاب هو المعنى الحرفي لقعدة حلوة على القهوة مع رجل مثقف وخفيف الظل وشاف الدنيا!

كرسي في الكلوب – يوسف عوف

إذا وصلت معي لهذه المرحلة في المقال فأشكرك أولًا، وثانيًا وهو الأهم أنك جاد فعلًا في البحث عن الابتسامة، وهذا شيء عظيم أحييك عليه! أين كان يكفي أن أقول لك أن مؤلف كتاب كرسي في الكلوب هو نفسه مؤلف حلقات البرنامج الإذاعي القديم “ساعة لقلبك” وأيضًا مسلسل “ساكن قصادي”، لعل هذا يجعلك تتيقن أنك ستستمتع به لا محالة!

وإن كنت لا تحبذ مشاهدة هذه الأعمال الدرامية، فلا تتوقع أن يكون الكتاب قديمًا أو أنه يسخر من شيء عفى عليه الزمن، فمع الأسف يا عزيزي القارئ، رغم قِدم صدور الكتاب إلا أنه لا يزال يسخر من أشياء تحدث معنا إلى اليوم، يسخر من مناهج التعليم، والدروس الخصوصية، ومن طريقة التربية، ومن منظومة الزواج ومن العاهات الاجتماعية التي نلقبها عادات وتصبح فرضًا لا بد منه.. كل شيء، فستضحك وبعد ذلك بشكل لا إرادي ستمصمص شفتيك وتصدر صوت هذا الـ “مسم” وتقلب الصفحة كي تقرأ المزيد من قصص ضمن فلاشات أي أجزاء، كل منها يحمل قضية ما تخص المجتمع المصري، يعبر من خلالها بقصص مختلفة من وحي خياله ولكن أحداثها بالطبع مستوحاة من أرض الواقع المضحكة والمبكية وتدعو للـ “مسم” في نفس الوقت!