تأليف : ديفيد هربرت لورانس

يري البعض أنه ليس من العدل أن نسخر من اللاشعور في التحليل النفسى، إنه في الحقيقة كمية سالبة ووحوش كريهة، ما ليس عدلا في الواقع هو السخرية من التحليل النفسى كما لو أن فرويد لم يبتكر ويصف في نظريته كلها سوى الشعور، ليس الشعور بالطبع مفتاح نظرية فرويد الجنس هو المفتاح الحقيقي ، يعود النشاط الإنساني كله للحافز الجنسي فيمضي بنا الكلام بعيدا جدا علينا التسليم بوجود عنصر جنسي في كل نشاط إنساني؛ لكن يوجد أيضا عنصر من الجشع، وعناصر من أشياء أخرى كثيرة، علينا التسليم بوجود الجنس في كل العلاقات الإنسانية، خاصة علاقات الراشدين. مايقوله فرويد صحيح دائما إلى حد ما، إن نصف رغيف أفضل من لا شيء لكن يوجد في الواقع نصف آخر للرغيف، ليس الجنس كل شيء ولا تعود النشاطات الإنسانية كلها للحافز الجنسي، نعرف هذا دون الحاجة إلى برهان فالحافز الديني أو الإبداعي هو الحافز الأول لكل نشاط الإنسان وبعده الحافز الجنسي وإن كان هناك صراع عظيم بينهما. يعد الكتاب أحد كتابين في التحليل النفسي أبدعهما الشاعر والروائي البريطاني دي. إتش. لورنس؛ ولعل معظم من لهم علاقة بالثقافة يذكرون "أبناء وعشاق" و"عشيق الليدي تشاترلي". إن "فنتازيا الغريزة" كتاب ضروري للفهم الأصح والأكمل لتلك الأعمال الروائية، يبتكر لورنس في هذا الكتاب أسطورة لنشأة الكون تبدأ من الكائن الحي، ويعتقد لورنس أن الحضارات العظيمة التي كانت مصر وبلاد الإغريق آخر تجلياتها الحية كان لها علم خاص به، علم انطلق في لغة الحياة، وقد انهار هذا العلم إلى سحر وشعوذة، ينطلق كتاب "فنتازيا الغريزة" في لغة الحياة، ينطلق من الحدس والخبرة الحية، ويبتكر ما يطلق عليه لورنس "العلم الذاتي" في مقابل "العلم الموضوعي" الذي يشغل نفسه بالظواهر فقط، إنه علم العالم الميت، حتى علم الأحياء لا يهتم أبدا بالحياة، إنه يهتم بالوظيفة الميكانيكية وبجهاز الحياة.