نقد وتحليل رواية الأصل ج 1

قبل البدء عزيزي القارئ، وجب التنويه بأنّ هذا المقال يحتاج لتركيزٍ عالٍ، فنجان قهوة ساخنة، ونصف ساعة مِن وقتك، كونه طويل جدًا، مُركّز جدًا، ويمسّ عدّة نواحي حساسة وتعتبر خطوط حمراء لدى البعض.

عارضين بذلك تحليل نقدي لرواية الأصل لصاحبها الكاتب الأمريكي ذائع الصيت دان براون، والذي نالَ شهرة بالغة منذ إصداره لروايته المعروفة بشيفرة دافنشي، ذلك بسبب كتاباته الجدلية الصدامية في مواضيع معقدّة وغامضة، لا سيما العلم والدين والسياسة.

السمة الأبرز للقانون الثاني في الترموديناميكا أنّه قانون مَبني على فكرة ازياد الفوضى، فكرة التداعي والاضمحلال المُستمر، جرّب أنّ تسخّن قهوتك ومن ثم تتركها، ستجدها تبرد، جرّب أن تقطف زهرة ومن ثم ترميها، ستجدها فيما بعد تذبل، جرّب أنت نفسك حتى أن تموت أيضًا! بالمناسبة، هل تعرف ما هو السبب الرئيس والأوّل للموت؟

لا، ليست الملاريا ولا الحصبة، ليست السرطانات ولا الأزمات القلبية ولا العوامل النفسية، كل هذه لا علاقة لها بالسبب الأوّل، بل هو قانون الترموديناميكا السابق نفسه، قانون التداعي البطيء، السبب الأوّل للموت هو اللاسبب، حالة التدهور الطبيعية لأعضاء الجسم وأجهزته وخلاياه وتقاعدها عن العمل بعد خدمة إلزامية طويلة هي السبب الرئيس للموت، السبب الطبيعي للموت هو أنك موجود ومَبني كي تموت وتتدهور شيئًا تلوَ شيء.

يتخذ دان براون مِن هذا القانون -الثاني في الديناميكا الحرارية- فكرةً رئيسةً غير مُعنّونة بشكل صريح لعرض صُلب قصة روايته المتهافتة..

مبدأ الأنتروبيا (فيزيائيًا) / الأنثروبيا (أناسيًا)

النظم الفيزيائية ثلاث، ونظام كوننا يُصنّف كنظام معزول:

النظام الأوّل هو المفتوح، الذي يسمح بتبادل الطاقة والمادة مع الوسط المُحيط.

النظام الثاني هو المغلق، الذي يسمح بتبادل الطاقة فقط لكنه يمنع المادة والكتلة.

النظام الأخير هو النظام المعزول، الذي لا يسمح لا بدخول ولا بخروج المادة والطاقة منه وإليه، أي أنهُ مُكتفِ بنفسه، وهو ما يدفعنا للقانون الأوّل في الترموديناميكا الناصّ على أنّ:

«الطاقة لا تفنى ولا تستحدث مِن العدم، بل تتحول مِن شكلٍ لآخر».

وهذا هو المبدأ السائد في كوننا نحنُ.

يتمثّل خطأ براون في دمجه لمبدأ الأنتروبيا الفيزيائي المُستخلص مِن القانون الثاني في الديناميكا الحرارية مع مبدأ الأنثروبيا الفلسفي والخاص بعلم الأناسة (الأنثروبولوجيا)، إذ انطلق مِن أنّ الفوضى الفيزيائية «الأنتروبيا» ستزداد مع الزمن ومع التغيرات الحاصلة في النظام معزول، إلا أنّها في مرحلة ما ستحتاج لمنظّم -حاسوب وفقًا لشرح براون- مِن أجل زيادة الفوضى، وهي فكرة لا أعلم ما هو مصدرها، حتى هو في الرواية لم يذكر أي تأصيل لها، كي يقوم بتلك المهمة (مهمة زيادة الفوضى).

تأتي نقطة اللغط الحقيقي عندما يدمج الفكرة السابقة مع مبدأ الأنثروبولوجيا الفلسفي، المُعتِمد على أن الإنسان تطوّر ليصل إلى مرحلة الـ «مُلاحظ» لكل هذه الظواهر، وأنّه هو المُراد مِن كل ما يجري، فمحوريّة الإنسان في هذا المبدأ وأن العمليات الفيزيائية والتنظيمات الناتجة مِن فوضتها هي مُهيئة كي يُلاحظها الإنسان أمر فلسفي جدًا، ويُعتبر وفقًا لخاصية كارل بوبر في «قابلية التفنيد» التي أوضحها في الفصل الأول مِن كتابه «منطق البحث العلمي» علم زائف، إذ أننا لا نستطيع تكذيب تلك الادعاءات بمحاولات النقد، فتصبح مجرد علم مُشوّش غير قابل للاختبار.

فهي مجرّد فكرة فلسفية مُعلّقة بالهواء، عكس مبدأ الأنتروبيا والفوضى الفيزيائية، التي استخدمها كنقطة انطلاق للدلالة بأن كل شيء يتداعى وبحاجة أحيانًا لما يشبه «منظّمات» لأجل زيادة الفوضى أكثر، إلا أنه استخدم الأنثروبيا الفلسفية لمحوّرة الإنسان في التصوّر السابق وجعله الهدف مِن كل العملية التي ستجري.

وضع كل الحق على المبدأ الأنثروبي أمر مُجحف، لأن هناك حجة مُبطّنة موجودة في داخله ويرتكز عليها بدوره، تدعى حجة الضبط الدقيق وأن الكون مُهيّأ لي كي أفهم وألاحظ.

لعل هذه الحجة المُسماة بـ «الضبط الدقيق» كانت واحدة مِن أسهل الحجج تفنيدًا لا سيما على يد العقل الرياضي والمنطقي بيرتراند راسل عندما تناولها في رسالته الصغيرة وكتيبه «Why I’m Not a Christian لماذا لست مسيحيًا؟» وذلك بالقول: «يقولون أنّ الكون مَضبوط ودقيق لأجلنا، وهذا خاطئ، فهو يذكرني بمقولة فولتير، يبدو أن أنفي يُناسب النظارة التي أرتديها!

في الحقيقة، ليست أنوفنا تناسب النظارات، بل النظارات هي التي تكيفت لتناسب أنوفنا، والإنسان وجنسه كذلك، ليسَ الكون يناسبه وضُبط لأجله، بل هو قد تطوّر وفُصّل حسب المعطيات الموجودة في الكون والأرض.

فمن خلال عملية التطوّر الحيوي تبيّن أن الإنسان هو مَنتوج أرضي مِن هذه البيئة، فمن الطبيعي أن يكون مُتكيفًا معها وحسب معطياتها وقوانينها الموجودة، كونه نشأ منها، فهذا الجنس البشري بأكمله أقرب ما يكون لومضة صغيرة مِن الحياة نشأت على قفا مقلاة ساخنة أثناء فترة وجيزة مِن برودتها، فتكيف وتماهى سريعًا معها».

كما قال راسل تمامًا، تنزوي حجة الضبط الدقيق عند مواجهة المنطق السليم المتمثّل بالنظارات التي توضع على الأنوف وليس الأنوف التي تُناسب النظارات! ليس الكون مضبوط، بل الإنسان عبارة عن كائن مُتطور، أي أنّه نشأ وتكيف ليناسب بيئته، وليسَ البيئة هي مَن تناسبت لأجله، عندها مِن الطبيعي أن يرى كل شيء حوله مُناسب ومضبوط، كونه هو تكيف حسب القوانين الموجودة على فترات طويلة.

مِن المثير للاستغراب أنّ الإنسان عندما يريد البحث عن حياة على المريخ مثلًا، يطلب فورًا وجود ماء وأوكسجين، ماذا لو كان هناك حياة تتنفس اليود مثلا؟ لماذا يعتقد نفسه بما فيها من وظائف حيوية وفيزيولوجية المعيار الوحيد للحياة؟ لو فكرت بالموضوع للحظة لوجدت أن هناك خلل صميمي به.

الضبط الدقيق للأرض فقط وليس الكون، غير صحيح، فكيف نجازف بتوسيع الأمر للكون بأكمله، يعيش الإنسان على ما يشكل 29% من يابسة الكرة الأرضية فقط، الباقي هو 71% ماء مالحة لا يمكنه شربها حتى، ربما لو كنت سمكة في البحر لتجرأت على القول بأن هذا الكوكب مضبوط وعلى مقاسي، وليس مجرّد إنسان هزيل، تعال لنلعب لعبة، خذ 10 مِن البشر وألقيهم في غابات الأمازون مع 10 أسود عُراة، مَن الذي سينتصر يا برأيك؟

تمثّلت نجاة الإنسان بفضل وسيلة التكيف الكبرى لديه، الدماغ مُتمثلًا بالذكاء المحكوم بالقرارات التي طُورت مِن خلال فص جبهي كبير يتوضع في مقدمة الرأس، ولو أنها معلومة مَغلوطة إلا أن فيها ريح مِن الصحة خصوصًا أنها كانت تشكل معتقد في الأزمنة الماضية، وهي أنّ الأفراد الأذكياء هم دائمًا أصحاب جبهة كبيرة، أصحاب الثلث العلوي الكبير مِن الوجه بسبب تطور الفص الجبهي الزائد لديهم، يصنّف هذا الكلام في إطار علم قياسات الدماغ الشكلية الزائف إلا أنه يوحي بلمسات من الصدق، خصوصًا أن التخلّف الدماغي يأتي مُترافقًا مع الصفات المعاكسة تماماً، فأمراض كالمنغولية والشلل الدماغي تتميز بشكل واضح بالجباه الصغيرة المنحسرة.

أنت تعيش على يابسة صغيرة من الكوكب، مُحصنًا شخصك بعلب كبريت تسمى منازل، مُدافعًا عن نفسك بأكثر من 150 جيشًا كافية لإنهاء النظام الشمسي بأكمله، قد نختلف أنا وأنت في تعريف الإنسان، لكن ما هو أكيد أنّه سيكون دومًا الكائن الخائف.

هذا كله بالنسبة للأرض، دعنا نتجه للضبط الكوني الدقيق، الكون فعلًا لديه ثوابت، لكن ليس مِن أجلك أبدًا.

معنى الثابت الكوني أنه يحمل نفس القيمة في أي نقطة كونية تذهب إليها، دعنا نسقط هذا على الإنسان، ضع لي إنسانًا على المريخ! ضع لي إنسانًا على القمر! على أورانوس البارد، في مجرة أخرى إذن! لن يعيش، كله سيموت، الإنسان لو حاول تخطي الغلاف الجوي للأرض لتم شويهُ على الفحم بأقل مِن جزء من الثانية، هذا سيقودنا لنتيجة حتمية لا مفر منها، بأنّ الإنسان ابن كوكب الأرض فقط، الإنسان ناتج من عملية التراكم التطوري الحيوي في هذه الكوكب وحده دون غيره، فهو لا يصلح في نقاط أخرى – كواكب، نجوم، مجرات – مِن الكون أبدًا.

أما القول بأنّ الكون والكوكب مضبوطان من أجلي، فهذا أحدٌ ما لا يرَ أبعد مِن تحت قدميه، تمامًا كالذين عاصروا كوبرنيكوس وقالوا أنّ الأرض مركز وفيما بعد تبيّن أنها ليست، ثمّ قالوا الإنسان مركز فبدا ما هو عكس ذلك أيضًا، والآن نفسهم تراهم يتمسكون بالكون ويقولون لا تعدد أكوان، كوننا فقط موجود، كوننا المركز، وهذا دائمًا ما يحصل وسيحصل، وتفلت عرى وهم المركزية النرجسية واحدةً تلو الأخرى، فلا ترى أمامك إلا المتهافتين وراء الإمساك لمجرد الإمساك فقط.

مبدأ براون الأنثروبي القائم على حجة الدقّة والجهوزيّة لملاحظة الإنسان لمركزيّته المُفترضة كما حصل في مركزية أرض كوبرنيكوس تصنف على أنها علم زائف وغير خاضع لقابلية التفنيد البوبرية، جاء الدمج الروائي مع الأنتروبيا الفيزيائية والفوضى المتزايدة مع أي تغير ضمن نظام معزول يحصل، فخرجت لنا فكرة هجينة عقيمة من أجل صنع حبكة روائية مُبشّرة بعصر قدوم الآلات دون وجود أساس علمي صلب تقوم عليه، وهذا خاطئ ويتعارض مع عدّة مفاهيم، فإن غضضنا الطرف وسلمنا بكل الخلطة السابقة على أخطائها، ستنبثق لدينا عدة أسئلة، خصوصًا الاشتباك المُغالط بين مفهوم التطور «Evolution» ومفهوم التطور «Development» .

الفرق بين «Evolution» و«Development»

تتجلى الثغرة الثانية في الرواية بالخلط بين هذين المفهومين ودمجهما معًا، فعندما تحدث كيرش وسرد عرضه –الفقرة الأهم والمفترض أن تكون مُحكمة جدًا– توصّل فيها لطريقة كمية/حاسوبية لتسريع ومُحاكاة التفاعل الكيميائي للحساء البدائي وتطويره مِن أجل معرفة ما سيئول إليه الوضع، والذي تبين أنه سينتهي بظهور الإنسان الهجين «آلي + إنسان» الذي سينبثق ليمتص الإنسان العاقل ويحتويه بداخله.

جاء الخطأ هنا تمامًا، لو عرّفنا التطور Evolution فهو عبارة عن عملية Process حيوية تراكميّة بطيئة تعمل على استبقاء الكائن الأكثر تكيفًا مع البيئة وتتيح له إمكانية التكاثر، أما الـ Development فهو تغيّر مُفاجئ سريع، يُحدث تحوّل في مسار البيئة والعضوية بأكملها، فمثلًا مِن الخلفية الطبية التي درستها، فإنّ أمراض وسرطانات الحفرة الفموية مثلاً تعتبر أمراض Developmental وليس تطورية، لأن التغير يأتي بشكل سريع وليس تراكمي بطيء، لذلك العملية هنا Development وليس Evolution .

صرّح براون بأن التسريع الحاسوبي لتفاعل الحساء البدائي كان مَبني على نظرية التطور Evolution وليس Development وهذا صحيح في الحقيقة، نظرية الحساء نظرية لو أردنا مَطّها عبر الزمن وتسريعها فهي ستكون مَحكومة بالتطور البطيء وليس السريع، جاءت ثغرة براون عندما تكلم عن ظهور الإنسان الهجين خلال 35 سنة فقط! كون الرواية تدور في عام 2015 حسبما أعلى تاريخ قد ذكر فيها، هذا الوقت 35 سنة غير كافية أبدًا لحدوث تطوّر Evolution! بل لظهور Development! براون قال أنّ التفاعل سيحفز ويحاكي التطور، إلا أن النتيجة النهائية التي تنبأ بها مبنية على حدوث تطوّر سريع نسبة للزمن القصير –35 سنة– الذي أدى لظهور الآلي الهجين! وهو مُخالف لحقيقة الحساء البدائي، ولما أسس عليه مشهده براون مِن قبل حتى، وهذا صراحةً خطأ جوهري وخلط للمفاهيم.

أو ربما يعود الأمر لضعف دان براون وعدم إلمامه بالفرق بين هذه المفاهيم واختلافها، إضافةً طبعًا إلى العنصر التشويقي الروائي، الذي يتم فيه ذبح الحقائق والمعلومات الرصينة في سبيل تحقيق المتعة والحبكة حتى لو كانت غير مبنية على أساس صحيح.

العلم والدين كلغات

تُطرح هذه الفكرة في الصفحات الأولى مِن رواية الأصل، ويحاول براون تكثيفها وتأطيرها بالقول: «العلم والدين لغتان مُختلفتان، تحاولان رواية القصة نفسها»، أما الغاية مِن وراء هذا التأطير تأتي في الجملة التالية التي ألحقها بالقول: «وفي هذا العالم مكان لكليهما».

تذكّرني هذه المقارنة بالكاتب جورج طرابيشي عندما قال: «السياسة مضمارها التنجيس، والدين مضماره التقديس، فلا تخلطهما معًا فتندم»، أرى أنّ نفس المبدأ يمكن تطبيقه مع مقارنة براون، الدين مضماره التبعية والقداسة، العلم مضماره رصد الظواهر وتفسيرها، لا مكان لخلطهما وتشبيهما بلغات مُختلفة يمكنك اختيار تكلم أي منها، أو كليهما ربما، لأن هذا سيكون وقوعًا في مغالطة منطقية شهيرة تدعى مغالطة المقارنة الخاطئة.

تخيّل مثلًا أن تذهب لعميد الكلية والجامعة وتقول له: مَثل الكلية وعميدها كمثل الرأس مِن الجسد بمجرد أن قطعت الرأس يموت الجسد! هذه الحجة هنا تسمى بمغالطة المقارنة الخاطئة، هي مُقنعة كونها مَلعوبة لغويًا إلا أنها غير منطقية، تفكيكها يكون بضرب مثال آخر يبين عوارها، مثلًا دعنا نقول: مَثل الكلية وعميدها كمثل السفينة والمرساة، بمجرد أن تقطع المرساة تنطلق السفينة لتمخر عباب المحيط!

هل رأيت كيف يتم اللعب على الألفاظ والإقناع هنا؟

مقارنة الدين والعلم بلغات هي مقارنة خاطئة، لأن أحد هذه اللغات هي لغة أخطبوطية تحتكر لسانك للنطق بها حصرًا وفي حال حاولت التلفّظ بكلمات مِن لغة أخرى فإنها تعاقبك أشد العقوبات، التشبيه الأمثل هو أن العلم والدين قطبان مُتشابهان يحاولان كشف الحقيقة، قطبان كلاهما يحمل نفس الشحنة، لذلك وجب عدم جمعهما معًا، مِن الجميل كما قال براون أنّ العالم يتسع لكلاهما، لكن محاولة التقريب والدمج بينهم خاطئة لأنها ستؤدي لتنافر حتمي، أو شبه حتمي لو استثنينا بعض العلماء الذين استطاعوا.

أذرع الدين عديدة وتشمل جميع جوانب الحياة فهو منظومة مُتكاملة مُحيطة بكل شيء، ذراع سياسي يعطي توجه سياسي، ذراع أخلاقي يفرض نمطًا أخلاقيًا مُعينًا، ذراع روحي يستثمر في روح الإنسان، ذراع طقوسي شرائعي يضع الأسس الناظمة للواجب وغير الواجب عمله، ذراع اجتماعي يُحدد العلاقات الشخصية والتعاملات بين الناس، أما العلم بدروه فيحمل منهج ضيق جدًا ومحدود، يُعنى بالرصد والتجربة ذات الإمكانية للتكرار.

فمقارنة الدين يجب أن تكون أشبه بـ «بوفيه مفتوح» فيه كل ما تريد من ثقافة مُحددة ببيئة جغرافية لتجمّع بشري قد عاش فيها، أما العلم فهو أشبه ما يكون بأداة وليسَ منظومة كاملة، مُقارنة الطرفين بلغات خاطئة، كأن براون يُقارن الدين الذي هو أشبه بلغة سامية أو لاتينية مع حرف واحد رمزي من لغة أخرى أو رقم 2 مثلًا، المقارنة مهزوزة وغير متساوية الأطراف.

يمكن تشبيه الدين أيضًا بنظام ويندوز، فهو صالح للاستخدام مِن قبل العوام الجميع، تريد ألعاب موجود، تريد مشاهدة فيديو موجود، تريد تصميم موجود، تريد برمجة بسيطة موجود، أما العلم فيمكن تشبيهه بنظام لينكس، هو حزمة تأتي على الطلب وأنت تقوم بتجهيزها وتنصيب موضوع الظواهر التي تريد دراستها بنفسك بناءً على تعليمات مُحددة، ولا يأتي جاهزًا بشكل كامل مثل ويندوز أبدًا.

الأصل ، دان براون