ترتيل القرآن الكريم و المقامات الموسيقية

ترتيل القرآن الكريم و المقامات الموسيقية (الموضوع معقد و شائك و لكن الحقيقة تبقى حقيقة)
أيّ صوت يخرج من شفتيك حين ترتل القرآن الكريم هو نغمة إلا و لها ذبذبة محددة تقاس بالهرتز ( Hz )؛ و زيادة على أن صوتك أنت صاحب الترتيل له تصنيف ذبذبي معين ( تينور / باص / سوبرانو / آلتو )؛ فإن النغمة التي تصدرها هي جزء من مجموعة من النغمات يرتبط بعضها مع بعض بقاعدة معينة؛ نحدد على ضوئها الانتقال من نغمة ما إلى أخرى. هذه القاعدة التي ننتقل بها من نغمة إلى أخرى هي المقام الموسيقي. ركز معي أرجوك في هذه النقاط الهامة : 1 . علم الموسيقى علم نحتاجه فلا يمكن التخلي عنه أو رفضه بشكل عام؛
هو علم واسع له فروع شتى مثل علم النغمات؛ و علم الأصوات البشرية؛ و علم الآلات الموسيقية؛ ... الخ؛ فخذ ما أنت بحاجة إليه ليساعدك في فهم الوجود و تحسين حياتك مبتعدا عما يضرك؛ و تذكر أن الفرق بين الربا و التجارة شعرة؛ و الفرق بين الخمر و العصير شعرة أيضا.
2 . يمكن للصوت البشري أن يصدر 7 أنواع من النغمات المتتابعة المختلفة عن بعضها البعض؛ يعرفها الدماغ البشري و يتعرف عليها هي المعروفة دو - ري - مي - فا - صول - لا - سي؛ كما يمكن أن يتعرف الدماغ على نغمة متوسطة بين نغمة دو و نغمة ري يمكن الحصول عليها بتقسيم نغمة ري الى قسمين متساويين؛ فتصبح هذه النغمة الجديدة توسطا بينهما؛ حتى إذا أردنا الانتقال من ري اليها قلنا النزول لأنها أخفض ذبذبة من ري؛ و إذا أردنا الانتقال من دو اليها قلنا الصعود؛ لأنها أعلى ذبذبة من دو؛ نفس الشيء بين نغمتي ري و مي؛ ثم بين نغمتي فا و صول؛ و بين نغمتي صول و لا؛ و بين نغمتي لا و سي. ( 12 صوتا في المجموع )
3 . من بين 12 نغمة نعود لنأخذ 7 نغمات أساسية متتابعة؛ و طريقة اختيارنا لهذه النغمات تكون على قاعدة رياضية و نضيف النغمة 8 التي هي تكرار للنغمة الأولى التي بدأنا بها اختيارنا.
4 . لاحظ هنا أن قاعدة الانتقال تقوم على نوعية الذبذبة الصوتية ( ذبذبة دو تختلف عن ذبذبة ري و تختلف عن ذبذبة الصوت الناتج عن النغمة المتوسطة التي حصلنا عليها بتقسيم نغمة ري الى قسمين متساويين ) و لا تقوم على قاعدة الزمن في الصوت؛ و هذا هو السبب الرئيس الذي أخطأ فيه البعض حين يقولون أن الترتيل لا يجوز بالمقامات الموسيقية؛ لأن المد في الصوت لا يعارض المد في الحرف أبدا؛ فالمرتل هو المتحكم في المد على حسب أحكام القرآن الكريم؛ و بالتالي فإن علم المقامات الموسيقية لا يعارض علم الأحكام القرآنية على الإطلاق.
5 . على حسب تقسيم الذبذبة السابق يمكن الحصول على قسمين رئيسين من مجموعات من الانتقالات أي مجموعات من المقامات الموسيقية مثلا : العجم؛ النهاوند؛ الحجاز؛ الكرد ... الخ؛ و لا يمكن الحصول على مقامات أخرى إلا إذا قسمنا من جديد النغمة التي حصلنا عليها إلى قسمين متساويين مثلا : الراست؛ البيات؛ السيكا ... الخ.
6 . هناك 7 مقامات أساسية يمكن ترتيل القرآن الكريم بها جمعت في عبارة " صنع بسحر "؛ ( ص ) صبا و ( ن ) نهاوند و ( ع ) عجم و ( ب ) بيات و ( س ) سيكا و ( ح ) حجاز و ( ر ) راست؛ و هناك من بضيف مقام الكرد إليها لتكون العبارة " صنع بسحرك ".
7 . أصل كلمة المقامات العربية هو المقامات العربية الإسلامية؛ لأن أصل بعض المقامات ليس عربيا و لا يعرفه العرب؛ و إنما تعرفوا عليه عبر قوافل التجارة و الفتوحات الاسلامية؛ فدخول قوميات أخرى في الإسلام سمح بإدخال ثقافاتهم إليه.
8 . لا يمكنك التحكم في المقامات إذا كنت غير متحكم في الصوت؛ فأنت ترتل القرآن الكريم بصوتك؛ و المقام انعكاس لهذا الصوت؛ فإذا صححته و طورته صارت المقامات مسألة سهلة؛ و أكبر خطأ يقع فيه المرتلون هو بحثهم عن المقامات و أنواعها و أصولها و فروعها ... الخ؛ و يهملون مسألة تصحيح أصواتهم؛ فلا يظهر أي مقام في ترتيلهم لأن أداة الإظهار غائبة.
9 . المقام الموسيقي هو وعاء اللحن الذي تختاره لترتيل كتاب الله؛ فإذا رتلت آية ما و ظهر الحزن في ترتيلك فأنت في مقام حزين مثلا مقام الصبا؛ يمكن لمرتل آخر أن يرتل في نفس المقام لكن بلحن حزين آخر مختلف عنك.
10 . تعتمد مسألة اللحن على الدماغ و قدرته على إيجاد نغمات متناسبة مع الآية التي يرتلها؛ و هي عملية لا شعورية بحيث تكون خاضعة لما يخزنه الدماغ من نغمات استقاها من عدة مؤثرات؛ لاحظ أن الترتيل بالطبوع الأندلسية يختلف عن الترتيل بطبوع شبه الجزيرة العربية و ما جاورها؛ رغم أن المقامات واحدة.
11 . حاول أن توازن بين الأحكام القرآنية و المقامات؛ و لا تركز على جهة واحدة فقط؛ فإن الصوت النشاز و الترتيل غير المضبوط يبعد الناس عن القرآن الكريم؛ و لا سيما غير المسلمين منهم؛ فاحرص على تلاوة كتاب الله في أبهى حلة تجذب بها السامع و تنشر بها الحق.
12 . لا تقف أمام التطور فالحضارة الإنسانية تتطور بك أو بغيرك فالأفضل أن تكون مساهما في دفع الحركة إلى الأمام محافظا في الوقت نفسه على قدسية كتاب الله؛ و ثوابت الإسلام؛ اتذكر جيدا في بداية هذا القرن أن هناك من كان يحرم الأنترنيت و القنوات الفضائية؛ فمن المفروض و الحكمة أن تحرم فيها ما يغضب الله و ليست التقنية ككل؛ فلا تكن أحمقا و تذكر أن الكنيسة وقفت أمام التطور العلمي فألغاها الناس لأنها أضحت لديهم لا تقدم حلولا لمشاكلهم و تقف حجر عثرة أمام كل تحول إيجابي محمود للمجتمع؛ فالتطور حتمية يفرضها الوجود البشري.

القرآن الكريم,المقامات,الذبذبة,الترتيل و التجويد,