من الملكات التي ملكت القلم وعبرت عن المشاعر الطيبة في عقولها الي الاوراق وقام بالتعبير عن الثورات وقد أتضح ذلك.....على الرغم من أن الثورات العربية وخصوصاً ثورة ١٧ فبراير في ليبيا تعتبر حدثاً تاريخياً مميزاً بالمقارنة مع الثورات العالمية السابقة ولكنهم في نفس الوقت يشتركون في كثير من الدوافع والمسببات وحتى النتائج. أضف إلى ذلك أنه بالتمحيص والتحقيق في تاريخ الثورات السابقة يمكننا أن نستخلص كثيراً من الدروس المهمة ليس لفهم حيثيات الفترة الراهنة من عمر ثورتنا فحسب بل أيضاً لفهم أو استشفاف المستقبل بالنظر إلى الثورات السابقة كالثورة الإنجليزية في عام ١٦٤٠، الثورة الأميركية في عام ١٧٧٥، الثورة الثورة الفرنسية في عام ١٧٨٩، ثورة عرابي المصرية في عام ١٨٨١، الثورات الصينية في العامين ١٩١١ و١٩٤٩ واخيراً الثورة البلشفية الروسية في عام ١٩١٧ نجد أن هناك أوجه تشابه كثيرة بينها، وكذلك بينها وبين الثورات العربية من تونس إلى اليمن، بعد البحث في ايجاد الارث الفكري الذي يمكننا من مقارنة هذه الثورات واستخلاص أوجه التشابه والاختلاف التي تساعدنا على سبر أغوار ثوراتنا العربية وجدت ضالتي في كتاب "تشريح الثورة" للمؤرخ والأكاديمي الأميركي كرين برينتن ، برينتن، والذي كان أستاذا جامعيا بجامعة هارفارد الأميركية الشهيرة أبدع في دراسته للثورات الكبري ومنها الثورة الأميركية، الثورة الفرنسية، الثورة البلشفية والحرب الأهلية في إنجلترا والخروج بنتائج هامة وفهم عميق لأهم الأسباب التي تؤدي إلى إندلاع الثورات قبل النظر إلى مراحل الثورات كما يراها الكاتب أود أن أشير إلى أنه على الرغم من اتفاقي مع الكاتب في كثير من استنتاجاته الصائبة فأني أرى كذلك أنه في بعض الأحيان يدمج بين تطور الثورات والبروز الموازي للثورات المعاكسة ، بمعني آخر هناك أماكن عدة في الكتاب حيث نجد أن الكاتب يتحدث عن حركات مناهضة لثورةٍ ما في سياق الحراك الثوري وليس مضاداً له، على سبيل المثال نجد الكاتب يرى في تراجع الحراك الثوري من المطالبة بالمشاركة في الحكم إلى الرضوخ لحكم شمولي مرحلة من مراحل التغير الثوري الذي يمليه الواقع لبعض الثورات وليس تراجعا في الزخم الثوري ونكوصاً إلى الوراء. بمعني آخر يرى الكاتب أن الثورات المضادة ليست إلا جانبا من الارهاصات الثورية في عملية مد وجزر خصوصاً في الفترات الأولى من حياة الثورات ،الشيء الثاني والذي أراه لا يتناسب مع نوعية الثورات في الوطن العربي هو إرجاع أي طفر ثوري لطبقات معينة من طبقات المجتمع ثم يأتي بعد ذلك استقطاب المكونات الأخرى للمجتمع، بينما يركز الكاتب على الطبقة الوسطى على أنها توفر البيئة المثالية لإنطلاق وتسيير دفة الثورات فإن أي دراسة متمعنة لثورات عالمية أخرى وبالأخص تلك التي اندلعت في أجزاء من العالم خارج العالم الغربي كالصين مثلاً لوجدنا أن هناك شرائح أخرى من تلك المجتمعات كطبقة الفلاحين أو العمال أو الجند والتي تحمل على عاتقها إشعال وإذكاء نار الثورات، وما ثورة بوعزيزي التونسية عنا ببعيد. سأتطرق إلى هذا الموضوع بعد تناول أهم نقاط كتاب المؤرخ كرين برينتن باختصار،بعد أن درس الكاتب الثورات المذكورة آنفاً وهي: الثورات الأميركية والفرنسية والانجليزية والروسية، دراسة وافرة ومتمعنة استنتج أن الثورات تمر بأربعة مراحل وكل مرحلة تتميز بمتغيرات جذرية تتأصل في أعماق المجتمع ثم تتمحور لتواكب المتغيرات في التطور الثوري والتحرك نحو تحديد الأهداف المنشودة من الثورة والسير نحو تحقيقها،هذه المراحل التي تصب في بوتقة خلق وصياغة وتمكين الثورات الشعبية هي كالتالي: المرحلة الأولي وهي تعتبر المنطلق لمجموعة من الأحداث التي تؤدي إلى ما يسمى بالحراك الثوري وهذه الأحداث أو المسببات تشتمل على الآتي: أ- بداية الصراع بين طبقات المجتمع وإحلال العداوة محل التناغم الثقافي والإجتماعي والإقتصادي. ب - من مسببات التصدع بين طبقات المجتمع هو عجز السلطة الحاكمة وعدم أهليتها لإحلال التكافؤ الاجتماعي لأسباب عدة منها التحيز لطبقة دون أخرى أو محاباة شريحة من المجتمع على حساب الشرائح الأخرى ت - عدم كفاءة الحاكم وعدم اهليته لقيادة الدولة تتضح جلياً من خلال ردود في فعله اللامتوازن حيال الإنتفاضات الشعبية ث - التحدي الذي يمثله الثوار ليس فقط للحاكم وأجهزة حكمه فقط بل كذلك لما يمثله الحكم من تغييب للفكر الجماعي وتكريس الولاء في شخص أو في فكر سياسي معين وإقصاء أي أفكار تمثل تحديا لمنظومة الشخص الواحد والفكر السياسي الواحد. ج - وأخيراً فشل النظام القائم في السيطرة على الحراك الشعبي بالقوة يعطي الثوار الدافع للاستمرار في الثورة إلى نهاية المطاف.
