قراءة في كتاب الفقه - البيئة

يعد كتاب البيئة لمؤلفه  السيد محمد الحسيني الشيرازي من الكتب القيّمة التي تناولت موضوع البيئة ومشكلة التلوث من مختلف الأبعاد، فهو يسلط الأضواء حول أسباب هذه المشكلة التي أصبحت كابوساً مخيفاً يخيم على العالم ويهدد مستقبل البشرية، والتي باتت مشكلة العصر التي استعصت على كثير من الدول حتى التي تدعي الرقي والتطور.

يتناول هذا الكتاب مشكلة التلوث البيئي من جميع جوانبها، حيث يبدأ سماحة الإمام المؤلف بتعريف كلمة البيئة لغة واصطلاحاً ثم يذكر التعريف العام للبيئة (بأنها مجموعة الظروف والمؤثرات الخارجية والداخلية المحيطة بأي كائن من إنسان أو حيوان أو نبات وهي تشمل الظروف السلبية والآثار الطبيعية والكيمياوية والصحراوية والبحرية والجوية والنباتية والحيوانية) ثم يخلص إلى القول بأن البيئة هي وحدة متكاملة تتجمع فيها الكثير من العلوم التي اكتشفها الإنسان من سياسة واجتماع واقتصاد وغير ذلك.

ثم يتطرق إلى الأثر المعنوي للبيئة على حياة الإنسان، والعناصر المناخية التي تؤثر في جسمه.

وتحت عنوان الإسلام والبيئة يبين الكتاب أحكام الإسلام المتعلقة بالبيئة مستدلاً عليها بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام.

ثم ينتقل إلى عدم جواز الأضرار بالغير واستناد ذلك إلى الكتاب الكريم والسنة الشريفة والعقل والإجماع باعتبار أن التلوث البيئي الناتج بفعل الإنسان يلحق ضرراً بالغير وذلك محرم.

بعد ذلك يستعرض الآيات القرآنية التي تحدثت عن الطبيعة وعظيم صنع الخالق جلّ وعلا وإتقانه لكل شيء، ولم يغفل كتاب عن ذلك، فذكر الآيات القرآنية التي تنهى عن العبث والإفساد في الطبيعة وتحذر من الوقوع فيه لئلا يصيب الناس ما أصاب قبلهم من الأقوام السابقة.

ويعرض الكتاب التلوث بقسميه المادي والمعنوي مستخدماً في تبيانهما المصطلحات الحديثة التي يطلقها العلماء في هذا الاختصاص، فيقول عن خطر التلوث: (حتى السماء الخارجية ليست بمنأى عن خطر التلوث بعد أن تصاعدت الغازات لتتفاعل مع طبقة الاوزون مسببة الثقوب السماوية التي تساعد على تسرب الأشعة فوق البنفسجية والتي تسبب اضطراباً في نمو الخلية)، وبذلك أصبحت مشكلة عالمية بعد أن كانت في أول الأمر مشكلة إقليمية ويضرب لذلك مثالاً وهو ما أحدثته حرب الخليج الثانية من تلوث وانتقال هذا التلوث إلى سواحل الكثير من دون المنطقة مسبباً موت الكثير من الكائنات الحية وكذلك الانفجار الذي حدث في المفاعل النووي (تشرنوبيل) الذي أقضّ مضاجع الكثير من الشعوب ثم يضيف سماحة المؤلف، بعد أن كانت مشكلة التلوث مشكلة عالمية، لابد من مواجهتها عالمياً بأن تتعاون الدول المختلفة فيما بينها لتحل هذه المعضلة، وأن موقف الإسلام في مثل هذه المشاكل واضح بأدلة من القرآن والسنة.

وعن تلوث الهواء وعلاقته بالأنواع الأخرى، الماء والتربة كتب سماحته أن هناك تلازماً بين هذه الثلاثة، بل اكثر الأشياء يرتبط بالهواء، وإن أهم ملوثات الهواء تتلخص في ثلاثة أنواع:

الأول: الملوثات الناتجة عن احتراق الوقود كالبترول والفحم ومنتجاتهما.

الثاني: الملوثات الناجمة عن المخلفات الصناعية.

الثالث: الملوثات الناتجة عن حرق واعادة استخدام النفايات، وما تسببه هذه الأنواع من الأخطار عند التعرض لها مما يهدد حياة البشر، ويخلص إلى القول بأن جميع هذه الأمور تسبب تأخراً في نمو الكائنات الحية ـ بوجه عام ـ سواء كانت بشراً أو حيوانات أو نباتات. كما يتطرق إلى خطر التلوث بالكبريت الذي يؤدي إلى التسمم والآثار التي يتركها على الجهاز العصبي للإنسان، حتى الروائح الكريهة وما تسببه من تلوث واضرار تلحق وبالآخرين ذكرها وذكر معها روايات واردة عن أهل البيت.

وبعد أن ينتهي سماحة المؤلف من ذكر مشكلة تلوث الهواء ينتقل إلى موضوع آخر لا يقل أهمية عن سابقه ألا وهو مشكلة تلوث المياه وكيفية الحفاظ على الثروة المائية ثم يعرض صوراً عن تلوث الانهار والبحيرات وتوجه هذا التلوث إلى الإنسان بصورة مباشرة وازدياد هذه الحالة بعد الحرب العالمية الثانية، ودور النفط في التلوث المائي وخطره على الإنسان بصورة خاصة وعلى الكائنات الأخرى بصورة عامة، مع ذكر تقديرات الباحثين الأجانب للأخطار المحتملة وبالأرقام، إضافة إلى ذكر المخلفات الصناعية ودورها في التلوث المائي متطرقاً بذلك إلى المحيطات والبحار وما يرمى إليها سنوياً من (الكادميوم) الذي يؤثر بشكل مباشر على مخ العظام، وكذلك النحاس الذي يتسرب إلى البحار، والمعادن الأخرى كالنيكل والزئبق وغيرهما.

وبعد ذلك يضع العلاج الناجع للتخلص من الإعراض الناشئة عن التلوث المائي، وطرق الوقاية من هذا التلوث، ومخاطر السفن ومدخليتها في تلوث المياه بنفاياتها، والتفجيرات الذرية وما تؤديه من زيادة التلوث بالاشعاعات الذرية في جميع أنحاء العالم.

ثم ينتقل إلى مسألة تلوث البيئة بالزئبق ومصادره وما يسببه هذا التلوث من مخاطر حيث يهاجم الزئبق خلايا المخ والجسم عبر الأسماك والنباتات الملوثة بهذه المادة، مع عدم وجود علاج حقيقي لحالة التسمم الناتجة عن هذه المادة.

وقبل أن ينتهي من بحث تلوث البيئة بالزئبق يتطرق إلى مسألة مهمة وهي دور إسرائيل في تلويث المياه بمادة الزئبق واعتبرها من أهم مصادر تلويث مياه البحر الأبيض المتوسط بالزئبق، حيث شركاتها تقوم ومنذ عدة سنوات بدفن كميات كبيرة من مخلفات الزئبق في البحر الأبيض المتوسط، وفي سياق الحديث عن تلوث المياه، ينوه إلى قضية تلوث مياه الأمطار ووجوب حماية المياه الجوفية ومياه الأمطار من التلوث الذي ينتج عنه تلوث المسطحات المائية وتلوث التربة التي تتساقط عليها هذه الأمطار ثم يذكر السبيل إلى الوقاية من التلوث المائي، فيستدل على ذلك بالآيات القرآنية كقوله تعالى (كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) سورة البقرة آية 60، وبالروايات الواردة عن أهل البيت في النهي عن تلويث المياه بأي شكل من الأشكال حيث ورد عن أمير المؤمنين (أن للماء أهلاً).

وفي سياق الحديث عن مواطن التلوث وبعد أن ذكر سماحة السيد المؤلف، الهواء والماء يتعرض إلى ذكر الموطن الثالث وهو التراب والمراد به الأرض حيث ورد ذكر ذلك في آيات عديدة من القرآن الكريم (الذي جعل لكم الأرض فراشاً) وقوله تعالى (قال إنه يقول أنها بقرة لا ذلول تثير الأرض) والمراد بذلك اثارة التراب، ثم أن الله سبحانه وتعالى خلق الأرض طاهرة مطهرة، إلا أنها تتلوث بفعل تراكم المواد والمخلفات الصلبة التي تنتج من المصانع والمزارع وما أشبه ذلك، كما أن ارتفاع نسبة الاملاح في الأرض عن المعدل الطبيعي المقرر يتسبب في تلوث التربة، فالتلوث يفقد الأرض خصوبتها ويؤثر تأثيراً سيئاً عليها حيث يتسبب في قتل البكتريا النافعة التي تعمل على تحليل المواد العضوية وعلى تثبيت عنصر النتروجين، ثم يستمر سماحته في الحديث عن التربة بلغة علميه ودقيقة مقرونة بالأرقــام الواردة في التقارير الصادرة من البلدان الاوروبية وأمريكا، ثم يضــع المسؤولية على عاتق الحكومات في حماية الأرض من هذه الملوثات، كما أن مسؤولية الإنسان أصبحت كبيرة نحو الطبيعة والبيئة، ويستشهد بقول الإمام علي عليه السلام (فانكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم) وإن العلاج من هذه المشكلة هو الأخذ بتعاليم الأنبياء والأولياء الصالحين عليهم السلام، كما كان الأمر كذلك قبل الثورة الصناعية، حيث كان تمسك الناس بالدين أقوى بكثير من الوقت الحاضر.

وللوقاية والمحافظة على التربة يرى سماحة المؤلف ضرورة استخدام الحشائش للبقاء على رطوبة التربة، وزراعة المحاصيل التي تتحمل الجفاف والملوحة في الأرض الجافة، وتشجيع الفلاحين على استخدام خبراتهم وكفاءاتهم في التخطيط، واستخدام مياه الصرف الصحي المعاد تكريره لأغراض الري، وقد ذكر المؤلف أن قسماً من علماء البيئة اعتبروا الصوت أحد الملوثات من جهة ضرره على الإنسان والحيوان والنبات، فالاصوات العالية تسبب ضعف السمع لفترة من الزمن ثم يعود الإنسان بعد ذلك إلى حالته السابقة، كما أن تعرض الإنسان يومياً للاصوات العالية مثل اصوات المدافع وانفجارات القنابل، أو اختراق الطائرات للجدار الصوتي، قد يؤدي إلى إيجاد ثقوب في طبقة الأذن نتيجة للضغط الكبير الذي تولد خارج الاذن، بالإضافة إلى تأثيرها على الغدد الصماء والدورة الدموية كما أنها تحدث ذبذبات في الجسد، وربما أحدثت تغيرات في نشاط الانسجة، كما وتزيد من معدل الضغط الدموي عن طريق إثارة مركز انقباض الأوعية الدموية في المخ. ولعل هذا هو أحد العوامل المؤدية إلى زيادة نسبة مرضى ضغط الدم بين سكان المجتمعات الصناعية، بينما لا نجد هذه الزيادة في عدد المرضى في المجتمعات الريفية.

ثم كعادته يتطرق الكتاب إلى التقارير الواردة في هذا الخصوص ويذكر الأرقام الواردة فيها، فعلى سبيل المثال تتراوح ذبذبة صوت الإنسان بين قرابة ألفي ذبذبة في الثانية، بينما نلاحظ أن آلات الموسيقى تعطي ذبذبة بين (8) آلاف ذبذبة في الثانية، ويعرض دراسة أجرتها إحدى الشركات الأمريكية استغرقت عاماً كاملاً، للتعرف على تأثير الضوضاء على مقدرة الإنسان وكفاءته في انجاز الأعمال الذهنية، فتبين من هذه الدراسة، أن الكفاءة تقل في ظروف جو العمل الصاخب، وبعد أن قامت هذه الشركة باستخدام عوازل للجدران لامتصاص الصوت توصلت إلى النتائج التالية:

أولا: إنخفاض معدل الأخطاء في النسخ على الآلة الكاتبة بنسبة 29%.

ثانياً: انخفاض معدل الأخطاء الحسابية بنسبة 52%.

ثالثاً: انخفاظ معدل التغيّب عن العمل بسبب الحالات المرضية بنسبة 27%.

والملاحظ أن كثيراً من الناس يشكون من التقلب المزاجي حين يتعرضون للضوضاء بصورة مستمرة.

ثم يذكر الكتاب إشارات القرآن الكريم إلى ما يفعله الصوت العالي بالإنسان، وهي كثيرة منها قوله سبحانه وتعالى (وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين) وقوله تعالى (فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاءً فبعداً للقوم الظالمين) ثم يذكر حال البشرية اليوم حيث تعيش في وسط دوامة من اصوات السيارات والقطارات والدراجات البخارية والطائرات والسفن والمكبرات والمسجلات والاذاعات والتلفزيونات وما أشبه ذلك، وتأثير الضوضاء الناتجة عن هذه الأصوات على حاسة السمع لدى البشر، ويقارن بين حالة الخطيب في السابق، حيث يسمعه 10 آلاف إنسان وبين حالته في الوقت الحاضر حيث لا يسمعه حتى ألف إنسان ويعزو ذلك إلى الأسباب التالية:

أولاً: السلوك الخاطئ والعادات السيئة.

ثانياً: ضعف السمع الذي طرأ على الإنسان بسبب ضعف بنيته العامة من جهة، والعيش في المدن التي تجعله يستلم الأصوات القريبة منه فيعتاد عليها من جهة أخرى.

ثالثاً: ضعف البنية الداخلية للإنسان جراء تناوله الاطعمة الكيمياوية. كما تناول الكتاب مسألة التلوث الضوئي وموارده وآثاره على العين، فهو يسبب الضعف في البصر، وربما يؤدي ذلك إلى العمى بسبب شدة الإضاءة، ويذكر المؤلف جملة من الأحاديث الواردة في كيفية الحفاظ على نعمة البصر، ويتطرق إلى مشكلة التلوث النفطي وطرق مكافحته، وجريمة صدام في تلويث مياه الخليج، وفي هذا الصدد يعرض الكتاب قيام نظام صدام منذ احتلاله للكويت بتفريغ كميات كبيرة من النفط في مياه الخليج مستفيداً من خزانات النفط في ميناء الأحمدي الكويتي والناقلات الراسية في الخليج وقدرت كمية النفط التي سرّبها النظام إلى مياه الخليج قرابة 5 ملايين برميل، وشكلت هذه الكمية بقعة زيتية بلغ طولها (130كم) وبعروض (5-25) كم وقد أشار الخبراء إلى المخاطر التي تتعرض لها البيئة من جراء هذه الجريمة، وتأثير هذه البقعة الزيتية على الكائنات الحية في مياه الخليج، حيث حالت دون وصول حرارة الشمس إلى الاعماق حتى أثر ذلك على الثروة المرجانية والاسفنج، كما أن من نتائج البقعة الزيتية تلوث الهواء أيضاً حيث تتبخر الأجزاء الخفيفة المتطايرة الموجودة في النفط، ويتراوح معدل التبخر بين (10-75)% من الوزن الإجمالي في بقعة النفط.

وعن أثر التلوث على الكائنات الحية يتعرض الكتاب إلى اصناف الحيوانات التي انقرضت من على سطح الكرة الأرضية مع ذكر الأرقام من اعداد الحيوانات المنقرضة، ويعتمد في ذلك على الاحصائيات المسجلة في الدراسات التي اجرتها عدد من الاكاديميات في البلدان الأوربية وبأقلام عدد من الباحثين في هذا المجال، ويشير إلى مبيدات الحشرات باعتباره أيضاً من الملوثات، كما أن بعض الحشرات تعد من القديم من أنواع الآفات الضارة بالمحاصيل والحيوانات النافعة والإنسان والمنتجات المخزونة، ففي ذلك يقول: (وكما خلق الله سبحانه وتعالى النباتات والحشرات الضارة لمصلحة أهم، كذلك خلق انواعاً كثيرة من النباتات والحشرات النافعة، ففي إيران وحدها (100 ألف) نوع من النباتات والاعشاب النافعة لمختلف الأمراض ولا عجب في ذلك، فقد احصى الأطباء القدامى الأمراض التي تصيب الإنسان بـ (24 ألف) نوع مرضي لكل واحد من السوداء والصفراء والبلغم والدم (ستة آلاف) مرض حسب احصائهم.

وقد أوصى جماعة من العلماء بعدم استخدام مبيدات الحشرات إلا عند الضرورة القصوى، لكن نظم المكافحة في الوقت الحاضر اتجهت إلى استخدام المبيدات الكيمياوية التي تميزت بفاعليتها وبساطتها ورخص ثمنها وتوفرها في الأسواق، وكان أول المركبات العضوية التي استخدمت لمكافحة الآفات مركب (دي دي تي) وقد بدت المكافحة الكيمياوية في البداية فعالة لدرجة أثار الاعتقاد بمقدرتها في التغلب على مشكلات الآفات الزراعية بشكل نهائي، ولكن هذا العمل لم يدم طويلاً أو سرعان ما تبين أن المبيدات تنقذ المحاصيل من اخطار الأمراض ولكنها من ناحية ثانية تؤدي إلى تخلخل النظام البيئي، وتلوث الوسط البيئي، وتؤثر بأشكال سلبية عديدة على حياة الإنسان وحياة الحيوان والنبات، بالإضافة إلى الأضرار الكبيرة التي تسببها حتى قال بعضهم: (أن امثال هذه المبيدات سوف تسمم كل العالم وتصل إلى الإنسان والحيوان مما يسبب مختلف الأمراض) ويرجع خطر المبيدات إلى تركيبها الكيمياوي، حيث تبقى فترة طويلة ربما (10) سنوات أو اكثر دون أن تتغير خواصها الكيمياوي، كما وأن تركيزها يزداد عبر انتقالها إلى السلسلة الغذائية ويتركز في دهون الحيوانات. واستهلاك العالم حالياً من المبيدات الحشرية يبلغ أكثر من (4 ملايين) طن في كل سنة وفي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها قدّر أن ما قيمته (500 ألف) طن من المبيدات يتم استعمالها سنوياً لإبادة الحشرات والقوارض والاحياء المجهرية التي تهاجم المحاصيل، وتكلف هذه الكمية نحو مليونين ونصف المليون من الدولارات.

وأما عن النفايات الخطرة التي تخلفها الصناعات الكيمياوية فذكرت تحت عنوان (نفايات المصانع) وجاء فيها: (أن هذه النفايات بعد أن أصبحت كثيرة في البلاد الصناعية، بحيث لا يمــكن الاحتفاظ بها، وأخذ الغرب وبعض البلدان الصناعية الأخرى الشرقية كاليابان بتصدير هذه النفايات إلى البلدان الفقيرة مقابل عمولات معينة مسببين اضراراً كثيرةً على الإنسان والحيوان والنبات، وهي إما أن تكون سامة بحيث تسبب القضاء على الإنسان وسائر الاحياء عاجلاً، أو تكون ذات مخاطر صحية بحيث لا تؤدي إلى هلاك من يتعرض لها مباشرة، وإنما تسبب الضعف والمرض المفضيين إلى التسمم والعجز والاعاقة وبالنتيجة تؤدي إلى الموت) أما تقدير النفايات الكيمياوية الخطيرة التي ينتجها العالم سنوياً فعلى أقل تقدير يتراوح بين (300-400) مليون طن، والدول الصناعية الكبرى هي طليعة الـــدول المنتجة لـــهذه النفايات حيث يصل اسهامها نـــحو (90%) والولايات المتحدة الأمريكيــــة تقع في الــمرتبة الأولى، وأما عن عدد المواد الكيمياوية المستخدمة فيبلغ حوالي (75) ألف مادة، وتصنف وكالات الحماية البيئية (35) ألف مادة على أنها ضارة بصحة الإنسان والحيوان النبات، حيث تسبب هذه المواد مختلف الأمراض، كالسرطان الجلدي والاورام الخـــبيثة الداخلية والأضرار بالجهاز العصبي أو بالكلية، والحروق والطفح الجلدي والاصابة بالعنّة والعقم وسقوط الاجنّة والولادات الميتة والعيوب الخلقية والولادات المشوهة، والعلاج الواقي لهذه المشكلة يتحقق عبر عدة نقاط منها: تقليل الإنتاج المسبب لهذه النفايات وتحويل الإنتاج إلى المواد الصالحة بدل الضارة، ولو كلّف ذلك كثيراً، وكذلك محاولة تحصيل الطرق الصالحة لابادة هذه النفايات، وفي هذا الموضوع يعرض الكتاب حوادث مرعبة لما يجري في العالم حول هذه النفايات واسرار نقلها إلى الدول الفقيرة، وأن العالم اليوم، أمام كارثة حصلت من عدم الإيمان بالله واليوم الآخر.

وفي موضوع التلوث بالأدوية هناك مشاكل يواجهها إنسان هذا العصر، كمشكلة التلوث بالأدوية الكيمياوية وغيرها، فهذه الأدوية لها مضاعفات وآثار جانبية خطيرة، ومن هذه الأدوية الملوثة، المهدئات التي تنتشر اليوم في ارجاء العالم والتي يزداد تعلق الإنسان بها عند تفاقم المشكلات الاقتصادية والسياسية والطبيعية كالفقر والزلازل والحروب والفيضانات وما شابه ذلك. وقد ذكر العلماء الأضرار الكبيرة التي يسببها (الفاليوم) حيث يستعمل الناس ملايين الاقراص سنوياً فهو يبعث على الكآبة الشديدة والانطواء والرغبة الشديدة للانتحار. وقد يسبب اورام سرطانية حسب تجارب اجراها فريق من الأطباء على فئران المعامل. وفي دراسة أخرى عن سرطان الثدي عند النساء تبين أن غالبية النساء اللاتي أصبن بهذا المرض كن يتعاطين (الفاليوم).

وأما التلوث الغذائي الذي أدى إلى هلاك كثير من الناس أو اصابتهم بأمراض مختلفة يمتد بعضها للاجيال القادمة، فمن جملة أسبابه هو الجهل والطمع، وقد يكون تلوثاً طبيعياً ناتجاً عن تحلل الغذاء بسبب البكتريا والفطريات أو طول فترة التخزين، ويذكر أنه يوجد في مخازن جيش إحدى الدول معلبات يعود تاريخها إلى ربع قرن، وقد يكون تلوثاً غير طبيعي ينجم عن تصرفات الإنسان، بالإضافة إلى أنواع أخرى كالتلوث الجرثومي والمواد الكيمياوية الحافظة واثر الغبار الذري على الغذاء تزخر بها صفحات هذا الكتاب.

ومن الموضوعات المهمة التي طرحها هذا الكتاب هو موضوع التوازن الطبيعي في البيئة، حيث اعتبر تعايش الحشرات مع سائر الحيوانات والنباتات في توازن طبيعي تتحكم فيه وتسيطر عليه عدة عوامل بيئية، منها الحرارة والرطوبة وتوفر الغذاء وعوامل حيوية أخرى، فإذا اختلفت الظروف البيئية بسبب طارئ أو دائم فان التوازن القائم لابد أن يختل لصالح نوع أو عدة أنواع منها، فيكون ذلك في غير صالح الإنسان، وعلى أية حال، فان قاعدة التوازن تحكم الكون بدقة متناهية مؤكدة على حكمة الخالق المتعالي حتى في كبر الحيوانات وصغرها، ثم انه لابد من إيجاد نظم بيئية طبيعية، وتوفير الحماية الكافية لها، وبذلك يتمكن الإنسان من أن يترك للاجيال القادمة صوراً حيّة للنظم البيئية المتنوعة، لذلك فكلما رجعنا إلى الطبيعية في مختلف مجالات حياتنا رجعت إلينا سلامتنا وسعدنا بحياتنا، قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" (بورك لمن اكثر أوانيهم الخزف) وقال ابن سينا: (خير دواء الأمراض للإنسان هو الدواء الذي يكون من أرضه) وكلما اقتربنا إلى الإسلام اقتربنا إلى الصحة ايضا، ومن اجل سلامة الإنسان يوصي الكتاب بالرجوع إلى احضان الطبيعة. وعند الحديث عن طبقة الاوزون يبدأ في بحث هذا الموضوع بآيات قرآنية دالة على أن السماء سقف محفوظ بالنسبة إلى الأرض ثم يتطرق إلى الغلاف الجوي ومكوناته من الغازات، وإلى الاوزون وفعاليته في ابادة الجراثيم وقتل البكتريا والفيروسات والطفيليات الضارة، فهو أي (هذا الكتاب) لم يترك شيئاً يتعلق بهذا الموضوع إلا وذكره معتمداً في ذلك على المصادر العلمية الحديثة.

وبعد أن كثر الفساد والإفساد في الارض، فلم يبق إلا الالتجاء إلى احضان الإسلام الذي جعل لكل شيء قدراً ولكل شيء مخرجاً، قال سبحانه (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً أن رحمة الله قريب من المحسنين) وقال سبحانه (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) ولا علاج إلاّ بالعودة إلى مناهج الله تعالى التي وضعها للإنسان، لبدنه ونفسه و روحه واسرته ومجتمعه، والايمان بالله الذي يدخل إلى أعماق الإنسان واخلاقه الطيبة وصفاته النفسية الرفيعة، بالإضافة إلى ذلك اعتماد المناهج العلمية في كل من السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية والعائلة والفرد وغير ذلك، كما أن من أهم الضروريات العقلية والشرعية والعرفية أن تهتم البشرية جمعاء بانهاء الحروب الذرية وصنع القنابل الذرية فانها من اكبر ملوثات البيئية وخير شاهد على ذلك ما خلفته القنابل الذرية في هيروشيما وناكازاكي في سنة (1954م)، وعليه فاللازم على جميع البلدان أن تهتم بهذا الأمر كثيراً في مختلف الأبعاد كماً وكيفاً بالتظاهرات والإضرابات لكي لا تحدث تجربة جديدة، وأن تفنى كل القنابل الذرية وأن تبدل معاملها إلى معامل بناء بدل معامل الهدم.

كتب PDF ، كتب و روايات PDF ، أفضل تجميعات الكتب، كتب عالمية مترجمة ، أحدث الروايات و الكتب العربية ،أفضل ترشيحات الكتب و الروايات، روايات و كتب عالمية مترجمة.