قراءات شهر رمضان

في شهر رمضان، البعض يهتم بقراءة القرآن الكريم وختمه في هذا الشهر خصوصًا مع تضاعف ثواب قراءة الآيات، لكن إضافة إلى قراءة القرآن يُفَضِّل البعض الاستمرار في قراءة كتبه، لكن من الممكن أن نغير نوع الكتب هذا الشهر ونستلهم من روح الشهر الكريم قائمة كتب لترشيحات قراءات شهر رمضان، لذلك سأقدم لك مجموعة مقترحات مختلفة نوعًا ما عما اعتدت عليه طوال العام.

كتب قراءات شهر رمضان

قائمة ترشيحات كتب شهر رمضان تضمنت كتبًا أدبية بصبغة دينية، منها “على هامش السيرة” (3 أجزاء) لطه حسين، وتضمنت أيضًا كتبًا عن الثقافة الإسلامية “ليس من الإسلام” لمحمد الغزالي، وكتب التاريخ الإسلامي منها “فجر الإسلام” لأحمد أمين، و”سلسلة العبقريات” لعباس العقاد، وفي الختام كتاب السيرة النبوية “الرحيق المختوم” لصفي الرحمن المباركفوري، وسنعرضهم تفصيلًا فيما يلي:

أولًا: على هامش السيرة.

لعميد الأدب العربي طه حسين، كتاب “على هامش السيرة” مكون من 3 أجزاء، قَدَّم من خلاله سيرة نبوية أدبية، مزج فيه بين أسلوبه الأدبي المنمق الرشيق وكتب السيرة النبوية وكتب التاريخ الإسلامي، ويفسر طه حسين الغرض من كتابته السيرة النبوية وما قبلها فيقول في مقدمة كتابه:

“هذه صحف لم تُكتب للعلماء ولا للمؤرخين، لأني لم أرد بها إلى العلم، ولم أقصد بها إلى التاريخ، وإنما هي صورة عرضت لي أثناء قراءتي للسيرة فأصبتها مسرعًا”.

فيرى طه حسين أن التراث العربي عامة والقصص العربية خاصة جدير بالتدوين مرات ومرات، لذلك هو أراد أن يدون أشياء حول السيرة النبوية ولم ير بأسًا من نشرها، ويوضح الغرض من الكتاب مرة أخرى:

“وإذا استطاع هذا الكتاب أن يلقي في نفوس الشباب حب الحياة العربية الأولى… فأنا سعيد موفق لبعض ما أريد”.

فهو كتاب مفيد، وثري، استطاع الكاتب أن يرسم صورة دقيقة – كما يعرفها – للحياة العربية، بداية من قصة حفر بئر زمزم، وأبرهة الحبشي ومحاولته هدم الكعبة قبل أن يبدأ في الحديث عن ولادة محمد – صلى الله عليه وسلم – في فصل “اليتيم”، وفي فصل “راعي الغنم” يحكي فيه قصة زواج السيدة خديجة والنبي محمد.. وهكذا يمضي طه حسين في السيرة النبوية تقرأ كأنك تسمعه يتحدث ويروي لك التاريخ بنظرته وأسلوبه، فكأنك تقرأ رواية عذبة.

ثانيًا: ليس من الإسلام

إذا كنت تريد أن تقرأ كتب في الفكر الإسلامي، وأن تتعرف على بعض المفاهيم الشرعية من وجهة نظر نقدية تنتقد بعض البدع وتنتقد التشدد والغلو في الدين، فعليك بكتاب “ليس من الإسلام” للشيخ الأزهري محمد الغزالي.

ولتوضيح الغرض من الكتاب نجد أنه قال في المقدمة:

“في هذا الكتاب أبحاث فقهية، جرت التقاليد على دراستها في المعاهد خاصة ولأصحاب ثقافة دينية عالية، وقد رأيت أن أضفي على هذه الأبحاث الطابع العام وأن أنزل بها إلى جماهير القراء وأن أحررها – جهد الطاقة – من الاصطلاحات الفنية”.

ويقول أيضًا:

“وسوف يغضب من هذا الكتاب بعض الجامدين الذين لا قدم لهم في علوم الدين، وسوف يرونه امتدادًا لجهاد أئمة طال كفاحهم في إيقاظ العقل الإسلامي”.

لأنه في هذا الكتاب يبين أمورًا جرت العادة أنها من صلب الإسلام، لكنها ليست منه. ومن الموضوعات التي تحدث عنها الغزالي في كتابه، أهداف الشريعة الإسلامية من سماحة وعدم تقليد والحدود والقياس، وما هو الإجماع وما هو الدليل العقلي، وما هي البدعة، وما الفرق بين الفكر الإسلامي والإسلام، ثم أفرد ثلاثة فصول للحديث عن بدع العقيدة والعادات والعبادات.

فالشيخ الغزالي (1917 : 1996) كان مشهورًا بانتقاده الدائم للتقليد، وانتقاده الدائم للتشدد، فهو يمقت الغلو في الدين، ويمقت التدين الزائف المعتمد على المظاهر فقط مثل اللحية الطويلة والجلباب القصير، قد تختلف معه في آراء وتتفق معه في أخرى، لكنه في النهاية صاحب اجتهاد يخطئ ويصيب، ونحن نقرأ ونقيّم ما نقرأه.

وكتاب “ليس من الإسلام” تحديدًا اخترته لأنه يتحدث في أمور خاصة لن يشرحها أحد لك، ولأنه يؤمن بأن تحرير العقل أساس الإيمان المحترم والعقيدة المقبولة، ويقول:

“وقل في الناس من يُرزق العقل الحر، العقل الي يتحرك فلا تثقله الموروثات الخاطئة”.

فهذا هو الغرض من الكتاب لذلك هو كتاب علمي مبسط، يمنحك الفرصة للمعرفة ولفهم المصطلحات والأفكار الإسلامية.

هذا وقد ولد الشيخ الغزالي في محافظة البحيرة في مصر، بين خمسة إخوة. حفظ القرآن في كُتّاب القرية وهو في العاشرة من عمره، وعندما أنهى الكتَّاب، درس في معهد الإسكندرية الديني الابتدائي وحصل منه على شهادة الكفاءة ثم الشهادة الثانوية الأزهرية، وفي عام 1937 انتقل إلى القاهرة للدراسة في كلية أصول الدين في الجامع الأزهر، توفي بالمدينة المنورة سنة 1996 أثناء مشاركته بمؤتمر إسلامي ودفن بالبقيع.

ثالثًا: فجر الإسلام

كتاب “فجر الإسلام” للأستاذ أحمد أمين (1878 : 1954) ليس كتابًا دينيًا إنما هو كتاب يدرس أحوال العرب في الجاهلية والإسلام، فالجزء الأول من الكتاب يتحدث فيه عن جزيرة العرب أيام الجاهلية، وطبيعة الحياة العقلية ومظاهرها، وفي الجزء الثاني تحدث عن الفتح الإسلامي وكيف تم التأثير والتأثر بين العرب والأمم التي خالطتها، وفي الجزء الثالث ينتقل بنا إلى الفرس متحدثًا عن دين الفرس وأدبهم، وفي الجزء الرابع يحدثنا عن النصرانية والفلسفة اليونانية، في الجزئين السادس والسابع يتحدث عن القرآن والحديث والتشريع والفرق الإسلامية على رأسها الخوارج والشيعة.

كتاب “فجر الإسلام” كتاب ممتع يأخذك في رحلة شيقة عبر التاريخ الإسلامي القديم، يعطيك صورة عن الحياة الفكرية، وأقدم لك هنا نبذة عن الأستاذ أحمد أمين وبعض مؤلفاته الأخرى إذا أردت الاستزادة.

وقد توفي أحمد أمين بالقاهرة، وكان عالمًا بالأدب، غزير الاطلاع على التاريخ، وهو من أكثر كتاب مصر تصنيفًا وإفاضة. ومن أعماله إشرافه على “لجنة التأليف والترجمة والنشر” مدة ثلاثين سنة، وبلغت مقالاته في المجلات والصحف، ولا سيما مجلتي “الرسالة” و “الثقافة” عشرة مجلدات، جمعها في كتابه “فيض الخاطر” ستة أجزاء، ومن كتبه: “فجر الإسلام” و “ضحى الإسلام” و”الصعلكة والفتوة في الإسلام“.

سلسلة العبقريات

العبقريات للعقاد لم أرد أن أرشح منها كتابًا معينًا، لكنها من أروع السلاسل التي تحدثت عن شخصيات تاريخية إسلامية، فهناك: عبقرية محمد، أبو بكر، عمر، عثمان، علي، خالد، والمسيح و إبراهيم أبو الأنبياء.

وكما هو معروف يتميز العقاد بدراسة الشخصيات نفسيًا وفلسفيًا، فكتاباته سواء كانت الأدبية أو الدينية فهو يذهب لعمق الشخصية مباشرة، بنظرة مختلفة من زاوية مغايرة لا تراها إلا عند العقاد، فمثلًا إذا نظرنا في مقدمة كتاب “عبقرية الصديق” نجده يقول:

“لا أغني بالوقائع من حيث هي وقائع.. ولكنما قصدت أن أرسم للصديق صورة نفسيا، تعرفنا به وتجلو لنا خلائقه وبواعث أعماله، كما تجلو الصورة ملامح من تراه بالعين”.

ويقول:

“ومن همنا أن تكون الصورة صادقة كل الصدق في جملتها وتفصيلها… فليس من غرضنا التجميل الذي يخرج بالصورة عن حقيقتها”.

ونجد في كتاب “عبقرية المسيح” مثلاً يتحدث عن جوهر الإيمان، ولماذا أتى المسيح؟ وفكرة الاهتمام بالروح وجوهر الإنسان، كما أن تنقية القلب في المسيحية رغم بساطة الفكرة إلا أنها أصعب كثيرًا من الطقوس الشكلية، فبناء النفس والعمل على تنقية الروح أمر يحتاج إلى جهاد ومجاهدة وصبر.. فهذا هو العقاد مختلف دائمًا عن غيره، تجد في مؤلفاته ما تجده إلا عنده، أتمنى لك رحلة سعيدة معه في رمضان.

الرحيق المختوم

إذا كنت تريد كتابًا هادئًا لا جدل فيه أو فكر أو مفاجآت فعليك بكتاب “الرحيق المختوم” لمؤلفه صفي الرحمن المباركفوري (1942 :  2006)، هو كتاب من كتب السيرة النبوية، لن تجد فيه جديدًا عما عرفته ودرسته وسمعته وحفظته في السيرة النبوية.

لكن أهم ما يميزه هو سهولة أسلوب الكاتب، فكأنك تقرأ رواية جيدة، فقد فَضَّل الكاتب الكتابة بالشكل الروائي، وليس بالشكل التقليدي المعتمد على الروايات وعلى العنعنة التي تقطع أفكار القارئ أو تصيبه بالملل.

وقد ولد المباركفوري في قرية حسين آباد في شمال الهند عام 1942م، تفرغ للدراسة بعيداً عن الأهل والأقارب ولا يزورهم إلا لفترة وجيزة، خلال مدة الدراسة، عمل أستاذًا في الفقه والحديث لعدة سنوات في الجامعة السلفية ببنارس، ثم شغل بعد ذلك منصب رئيس التحرير لمجلة “محدث”، واختير باحثًا في مركز السنة والسيرة ‏بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقبل وفاته بأربعة أشهر تقريبًا أصيب بجلطة دماغية مما جعله ملازماً للفراش إلى أن توفي.

رمضان هذا العام في المنزل:

وأخيرًا.. لم أذكر نبذة عن العقاد أو طه حسين لشهرتهما فهي إطالة غير ضرورية، كما أنني لم أذكر طبعات معينة للكتب لأنها طُبعت طبعات عديدة ومعظمها متاح، وحاولت أن أقدم مجموعة كتبًا ذا طابع إسلامي تساعدك على التفكير أو التسلية والاسترخاء إن أردت، فهي قائمة كتب متكاملة الأركان، اختر منها ما شئت واقرأ متى شئت، فهذه السنة سنقضي رمضان في المنزل لن نلعب كرة القدم، أو نخرج بعد الإفطار، فالجلوس في المنزل والابتعاد عن الزحام هو سيد الموقف، لذلك حاول أن تنهي قائمة الكتب.

كتب PDF ، كتب و روايات PDF ، أفضل تجميعات الكتب، كتب عالمية مترجمة ، أحدث الروايات و الكتب العربية ،أفضل ترشيحات الكتب و الروايات، روايات و كتب عالمية مترجمة.