تأليف : طه أحمد إبراهيم - أحمد الشايب

سألتني إحدى قارئاتي يوماً أن أقترح عليها كتاباً في النقد، فأخبرتها أنني لم أقرأ في كتب النقد من قبل، فاستغربت واستهجنت، إذ كيف لكاتب ألاَّ يقرأ في كتب النقد؟ ولم يشفع لي عندها أن دراستي كانت علمية محضة، وكذلك مهنتي، وأني ما أعرفه في اللغة لا يتعدى ممارسة الكتابة والقراءة، وقليلاً من كتب النحو اطَّلعت عليها صقلت لغتي.. هكذا زرت مكتبة وقد قررت شراء كتاب في النقد، حتى أحفظ ماء وجهي أمام قرائي على الأقل.. بحثت في المكتبات عن كتاب «مناهج النقد العربي المعاصر بين النظرية والتطبيق»، للدكتور سمير سعيد حجازي، قيل لي أنه ممتاز وسيفيدني كثيراً، لكنني لم أعثر عليه، ولم أعثر على أي كتاب آخر في النقد سوى هذا الكتاب «تاريخ النقد عند العرب».. لم أرتح له كثيراً، فأنا لا أبحث عن كتاب تاريخ، بل عن النقد كيف هو؛ أصوله وفروعه.. لكنني مع ذلك اقتنيته على أمل أن أنظر إلى النقد من علٍّ، قبل خوض بحاره. بدأ الكتاب بتمهيد كتبت أحمد الشايب، لو أردتم رأيي، فهو تمهيد ممل جدا.. ثم المقدمة بقلم الكاتب نفسه، متعبة، لكنها أفضل من التمهيد، وكنت أشعر أنني لن أكمل الكتاب لو استمر الوضع على هذا المنوال. على أنني، ومع أول حروف الفصل الأول، تغير الوضع عندي، وبدا الكتاب لي جميلا جدا، واستمر الوضع على جماله حتى آخر حروفه. إن كنت أقول في الكتاب شيئاً، فالكتاب في اللغة، على أنه مليء بالأخطاء المطبعية فيما يخص الهمزات، لدرجة أن (أل) التعريف تُكتب مهموزة في بعض الأحيان، وكذلك التاء المربوطة تُكتب هاء.. أقول هي أخطاء مطبعية، ولا أنسبها إلى الكاتب، فالكاتب واضح أنه متمكن من لغته، ولا أظنه يخطئ في مثل هذه البديهيات. الجميل في الكاتب أنه متمكن من الشعر؛ تاريخه، وما له وما عليه، وعارف بالشعر والشعراء، ويفهم في النقد الشيء الكثير؛ ينتقد الشعر والشعراء، بل ومتمكن كذلك من نقد النقد ذاته. من المؤسف أن يُتوفىٰ الأستاذ طه وهو لم يكمل كتابه بعد، ولعله ـ بحسب ما فهمت ـ لم يصل إلى نصف ما كان قد خطط أن يكتب به كتابه هذا..

---