تأليف : الألباني

هذا المبحث يقدم لمن أراد الحق، ورغب في فَهْم المصطلح فهمًا علميًّا دقيقًا، ويظهر فيه بجلاء منهج الشيخ –رحمه الله– في علم الحديث تصحيحًا وتضعيفًا. فقد صح عن النبي ﷺ من غير وجه قوله: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين علي الحق، لا يضرهم من ناوأهم حتى تقوم الساعة" قال علي بن المديني: هم أهل الحديث، والذين يتعاهدون مذاهب الرسول ﷺ يذبون عن العلم. و قال الخطيب البغدادي: قبلوا شريعته قولا وفعلا، وحرسوا سنته حفظًا ونقلا، حتى ثبّتوا بذلك وصلها، وكانوا أحق بها وأهلها، وكم من ملحد يَرُوم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها، والله –تعالى– يذب بأصحاب الحديث عنها؛ فهم الحفاظ لأركانها، والقوامون أمرها وشأنها، إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون أولئك حزب الله، ألا إن حزب الله هم المفلحون. ولقد قيَّض الله لهذه الأمة في كل حقبة من يجدد لها ما اندثر من الدين، ويذهب عنها ما لصق بالدين من الخرافات والبدع والمنكرات التي يندى لها الجبين. فكان على رأس هؤلاء في هذه الأعصار، مجدد علم الحديث، العلامة المحدث: محمد ناصر الدين الألباني –عليه رحمة الله– فقام الشيخ يذب عن حياض السنة الضعيف، ويقمع كل بدعة يروم لها كل ظالم عنيف؛ فكشف زيغ المبطلين، ورفع أول السنة للناس أجمعين، وأقبلت جموع المسلمين على مصنفاته؛ فكتب الله لها القبول بين صفوف الملتزمين، فجزاه الله كل خير في كل وقت وحين. والشيخ –رحمه الله– مع كثرة أبحاثه وتحقيقاته النافعة لم يتحفنا بمصنف يجمع فيه علم المصطلح وخلاصة ما انتهى إليه في مسائله ودقائقه، فربما استنكر عليه طويلب، أو غمزه متعالم دخيل في تصحيح حديث أو تضعيفه! والمسكين لا يدري كيف بنى الشيخ –رحمه الله– منهجه الذي سلكه وسار عليه في تصحيح الأحاديث وتضعيفها. نعم، الشيخ ليس معصومًا من الزلل والخطأ، وهو كغيره من أهل العلم، يؤخذ من قوله ويترك، والعصمة للمعصوم ﷺ لكن، من نصَب نفسه ندًّا له، ومتعقبًا للتعقب، ومتلمسًا للعثرات، ومعيرًا بالزلات، وهو مع ذلك لم يتأهل علميًّا وأدبيًا.

---