تأليف : السيد محمد ماضى ابو العزائم

تمهيـــد هاجر آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أفريقيا بعد أن دام الاضطهاد لهم من الأمويين والعباسيين على السواء، وظهرت أول دولة لآل البيت في التاريخ على مسرح إفريقيا، وفي مراكش بالذات عام 169- 170 هـ (785 – 786م) تحت اسم دولة الأدارسة في عهد خلافة الهادي بن المهدي. ففي عام 169 هـ خرج الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب في المدينة على حكم العباسيين وأعلن أحقية بيته في الحكم وأن العباسيين لم يستطيعوا القيام بعبء رسالة الإسلام. وخرج مع الحسين بن علي من سارعوا بالاستجابة له والالتفاف حوله، فحاربوا معه والى المدينة وانتصروا عليه، ثم ساروا إلى مكة فانضم إليهم كثيرون، ولكن العباسيين تمكنوا منهم جميعا وقتلوهم وعلقوا رؤوس مائة منهم وفي مقدمتها رأس الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب ليدخل الخوف منها إلى قلوب الناس. وقد شهد هذه النهاية الحزينة للحسين. عمه إدريس، ورأى أنه لم يعد له في الجزيرة العربية مقام، فهاجر إلى مصر حين علم أن (واضح) والى القاهرة، وكان محبا لآل البيت وينتصر لهم في غير ضجة، ولكن واضحا قال له: إن الحال في مصر ليس مهيئا لإعلان ظهوره والدعوة له، وأنه يرى من الخير أن يتوجه إلى المغرب الأقصى فليكون بعيدا ما أمكن عن عيون الخلافة العباسية، فخرج من مصر متنكرا ليس وراءه من أحد إلا تابع له يسمى (راشد)، وظل يواصل السير حتى استقر أخيرا في مدينة تسمى (دليلي) بالمغرب عام 172هـ. لقد حظي آباء الإمام بعطف الحكام من المرابطين الذين أسسوا دولتهم بالمغرب بعد أن انتهت دولة الأدارسة، ودولة الفاطميين، ودولة زيري الصنهاجية في تونس وشرقي الجزائر، وكان المرابطون طلائع الفتح الإسلامي في دول الدائرة الإفريقية الغربية حتى الاستوائي، فشعارهم جهاد النفس (الجهاد الأكبر) لإعدادها لتحمل مشاق الجهاد الحق)وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) (الحج:78)لنشر الإسلام، وحمل لواء هذه الرسالة في إقامة دولة المرابطين داعية مخلص هو عبد الله بن ياسين وكان معه رجل أو بضعة رجال فلما كثر الأتباع بين البربر وفي الصحراء الكبرى قامت بهم دولة المرابطين وبني عاصمة لهم في مدينة مراكش. وفي سبيل نشر الإسلام قسم إخوان المرابطين أنفسهم قسمين:

---