تأليف : برنار لويس

تغيرت لغة الخطاب السياسي- مصطلحا ومفهوما ومفردات- لدى المسلمين شعوبا ونخبا تغييرا جذريا خلال القرنين الأخيرين مسّت مركز المجال السياسي وأطرافه. هذه المجتمعات الإسلامية وفي تكوين وعي المسلمين ومتخيلهم مما أدى الى نشوء لغة ملتبسة يستخدمونها في توصيف أحوالهم وشؤونهم وواقعهم. فمن جهة هناك لغة خطاب سياسي موروث يمارس فاعليته في وعي المسلمين من خلال تماسهم الروحي المتواصل مع النص القرآني والحديث الشريف وسيرة الرسول وصحابته وخلفائه وتجربة دولة المدينة التي مثلت في ذاكرة المسلمبن على مر التاريخ بوصفها الدولة الفاضلة والنموذج الذي ينبغي احتذاؤه والاسترشاد به. من قلب هذه التجربة التاريخية يستدعي المسلمون ويستحضرون لغة خطاب سياسي ما تزال تمارس تأثيرها فيهم: فالخلافة تعبير عن استخلاف الله للإنسان في الأرض وعن النظام السياسي، الشرعية والعدالة في نظر الأمة وإلا كان النظام الذي يخلو منهما تعبيرا عن الغضب والطغيان وكان رأسه يستحق وصف الفرعون والطاغية والطاغوت؛ وبالتالي فمن حق الأمة إسقاط واجب الطاعة والخروج عليه. ومن جهة اخرى هناك لغة خطاب سياسي حديث يستخدم معجما دخيلا تسوده مفردات الدستور والقانون والوطن والاستعمار والإمبريالية والاستقلال والرئيس والزعيم والليبرالية والديمقراطية...الخ؛ وما يرتبط بها من دلالات ومعان. وما بين هذين الخطابين؛ يمتد واقعه مفعم بوطأة تاريخ احداثي سادته سلالات وأسر وجيوش أعجمية ومغولية وعربية تربع على رأسها سلاطنة وخانات ومماليك أثقلوا الذاكرة اللغوية بقدر المعاناة التي تحملها المسلمون. هذا الكتاب دراسة فسيولولوجية مقارنة وتاريخية للمصطلحات الإسلامية التي تتعلق بالمجال السياسي؛ يمضي فيه مؤلفه الى ما وراء اللغة السياسية المعاصرة لفهم الخطاب السياسي عند المسلمين؛ إذ بدون ذلك لايمكن فهم سياسات الاسلام والحركات والتغيرات التي انطلقت من أطر اسلامية؛ وبالتالي لايمكن فهم اللحظة الراهنة للفكر والواقع عند المسلمين.

---