تأليف : نهلة الهبيان

إن ثمة نظرة متفحصة تلقيه النفس على سطور الحياة الممتدة أمامها على مرمى البصر؛ لترديها قيد التأمل في جملة من معاني عصية التصور الإنساني لكل أحد غير صاحب التبصر المتفحص إلا في حالة محاكتها بصورة أو بأخرى من صور التمثيل المتقن؛ فتكون كفيلة بإغراقك فيها بكل جوارحك؛ ومن ثم فإنا معشر الكتاب نجد ضالتنا في الأوراق كيما نقيم محاكاتنا لواقع يحمل بين مدائنه الكثير والكثير من المشاعر والأفكار والأحداث التي تحاوطنا حسًّا وفكرًا وخيالًا، ولا مناص منها إلا بالتدوين عنها ومنها ولها. ومن ثم فإنه من المفترض بنا نحن أرباب الأقلام أن ننثر بأريحية تامة بين دفتي الرواية الأدبية حياة لحياة غير متجلية بحقيقتها الحقة على سطورها الأم لكلٍ غاد وعاد وذلك لأسباب يفرضها الواقع ممثلة في: -فواصل مجتمعية وفكرية لا تجد حال وقوفك عليها منتظرًا تتمة تأتي بعدها تعلمك بالتتابع الحدثي الواقع فعليًا. -علامات استفهام خرساء قد صدمها الصد القاهر والصمت الجبان؛ فوقفت مخزية مغبونة دون إجابات شافية قد تُنطقها. - نقاط مؤملة التغيير والفتح قد نثرت قبل السطر الأول؛ فإذ بالسطر ينمحي تماما والأمل يوئد في رحم التمني، وتبقى النقطة قبل البدايات فلا نبتدأ وبالتبعية لا ننتهي. أما هنا فلا فواصل خانقة ولا استفهامات ملجمة ولا نقاط ظنينة اللاشيء، الأحداث تمضي وكل يؤدي دوره المنوط به؛ فتتجلى مكامن الشعور على جبين الصفحات، وتتقافز الأفكار من ثنايا العقول السابلة أروقة الرواية؛ كيما تخلص النفس البشرية إلى رؤية شاملة لكل حيثيات سيرها الطويل بشقيه المادي والروحي، وذلك في علاقاتها الظاهرية المتجلية بوضوح لكل عين خاطفة، وحواشي صراعاتها الداخلية المنتظرة رؤيا كل عين مستبصرة..ومن ثم كانت الأخيذة (قضية رأي عام) لتعيد الواقع القاهر ولكن بلا قيود.

---